وعرق عند ذلك جبينك وتتالع أنينك وثبت يقينك وارتفعت جفونك وصدقت ظنونك.
وتلجلج وتحير لسانك وبكى أولادك وإخوانك وقِيلَ لك هذا ابنك فلان وهذا أخوك فلان وهذه أمك وهذا أبوك وبصرك شاخص وعيونك غرقى من الدمع ولا تقدر على الكلام.
فتصور نفسك يا مسكين ملقى على الأرض التي خلقت منها جثة تتصاعد روحك والناس من حولك يبكون ولكن دون جدوى لأن قضاء الله وقدره لا بد أن ينزل بِكَ.
ثم ختم على لسانك فلا ينطق ثم حل بِكَ القضاء وانتزعت نفسك من الأعضاء ثم عرج بها إلى السماء فاجتمع عند ذلك أولادك وإخوانك وأحضرت أكفانك وجيء بالنعش والمغسل.
فجردك من الثياب وغسلك وجيء بالكفن فكفنوك وحنطوك فانقطع عوادك واستراح حسادك وانصرف أهلك إلى مالك وبقيت مرتهنًا بأعمالك فيا لها من رحلة ويا له من قدوم.
شِعْرًا: ... فَمَا تَزَوَّدَ مِمَّا كَانَ يَجْمَعُهُ ... سِوَى حَنُوطٍ غَدَاةَ الْبِين فِي خَرَقِ
وَغَيْرَ نَفْحَةِ أَعْوَادٍ تُشَبُّ لَهُ ... وَقَلَّ ذَلِكَ مِنْ زَادٍ لِمُنْطَلِقِ
هذه قصيدة في مدح النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أزلنا ما فيها من الغلو الَّذِي ما تنبه له وتركنا أيضاً التثبيب الَّذِي في أولها.
أَحْمَدُ الْهَادِي إِلَى سُبُلِ الْهُدَى ... كَمْ بَدَى مِنْهُ لآهْلِ الأَرْضِ نُصْحْ
هَاشِمِيٌّ قُرَشِيٌّ طَاهِرٌ ... حَسنَ الأَخْلاقِ زَاكِي الأَصْلِ سَمْحْ ِ
جَاءَ بِالدِّينِ الْحَنيفِيِّ وَقَدْ ... طَبَّقَ الأَرْضُ مِنَ الإِشْرَاكِ جُنْحْ
فَأَرَى النَّاسَ الْهَادِي بَعْدَ الرَّدى ... فَإِذَا الْحَقُّ تَجَلَّى مِنْهُ صُبْحْ
فَآبى مِنْهُمْ كِلابُ كَيْدُهُمْ ... حِينَ خَافُوا أُسْدَ الإِسْلامِ نَبْحْ ِ
ثُمَّ لَمَّا رَامَ تَمْزِيقَ الدُّجَا ... جَاءَهُ مِنْ فَجْرِ نُورِ اللهِ رُمْحْ
فَاِنْجَلَى الشِّرْكُ وَوَلَّى دُبْرَهُ ... وَعَلَتْ لِلَّذينِ آطَامُ وَصُرْحْ