للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موعظة

عباد الله إن بين أيديكم يوم لا شك فيه ولا مراء، يقع فيه الفراق، وتنفصم فيه العرى، فتدبروا أمركم قبل أن تحضروا، وانظروا لأنفسكم نظر من قَدْ فهم ودرى، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً} ، يا له من يوم يشيب فيه الولدان، وتسير فيه الجبال، وتظهر فيه الخفايا، وتنطق فيه الأعضاء، شاهدة بالأعمال، فانتبه يا من قَدْ وهي شبابه، وامتلأ بالأوزار كتابه، عباد الله أما بلغكم أن النار للكفار والعصاة أعدت، إنها لتحرق كُلّ ما يلقى فيها، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ * تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} ، وَقَالَ: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ * كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} عباد الله أما بلغكم أن طعام أهلها الزقوم، وشرابها الحميم، قال عَلَيْهِ الصَّلاة والسَّلام: «لو أن قطرة من الزقوم قطرت في الأَرْض لأمرت على أَهْل الدُّنْيَا معيشتهم» فَكَيْفَ بمن هُوَ طعامه، لا طعام له غيره، قال تَعَالَى: {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ} .

أخرَجَ الطبراني، وابْن أَبِي حَاتِم من طَرِيق منصور بن عمار حدثنا بشير بن طلحة عن خالد بن الدريك عن يعلى بن منية رفع الْحَدِيث إلى النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «ينشئ الله لأَهْل النار سحابة سوداء مظلمة، فَيُقَالُ: يا أَهْل النار أي شَيْء تطلبون؟ فيذكرون بها سحابة الدُّنْيَا، فيقولون: يا ربنا الشراب، فتمطر أغلالً تزيد في أغلالهم، وسلاسل تزيد في سلاسلهم، وجمرًا يلتهب عَلَيْهمْ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>