للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينذر عليه حتى ولد له فسر به غاية السرور وأحسن تربيته حتى ارتفع عن مبلغ الأطفال إِلَى حد الرجال، ولم يهمه شيء من أمر الدنيا سوى هذا الولد ولم يؤخر ممكنا من الإحسان عنه، فلم يشعر الأب ذات يوم إلا بخنجر خالط جوفه من وراء ظهره.

فاستغاث بابنه مرتين فلم يجبه، فالتفت فإذا هو صاحب الضربة فقال الشيخ وهو يضرب من الألم: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أستغفر الله، صدق الله أراد بالتهليل أن يلقى الله بالإيمان.

وأراد بالاستغفار أن الله تعالى حذره فلم يحذر من ابنه وبقوله: صدق الله قوله تعالى: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} فجمع فِي هذه الكلمات كل مَا يحتاج إليه فِي هذه الحال.

قال بعضهم ممن تضرر بأقربائه ومعارفه:

جَزَى اللهُ عَنَّا خَيْرَ مِن لَيْسَ بَيْنَنَا ... ولا بَيْنَهُ وَدٌ بِهِ نَتَعرَّفُ

فما سَامَنَا ضَيْمًا ولا شَفَّنًا أذَى ... مِن الناس إلاَّ مَن نَوَدُّ وَنأْلَفُ

آخر: ... أَرَى أَنَّ الشَّدَائِدَ فِيهَا خَيْرٌ ... أَرَى أَنَّ الشَّدَائِدَ فِيهَا خَيْرٌ

وَمَا مَدْحِي لَهَا حُبًّا وَلَكِنْ ... عَرَفْتُ بِهَا عَدْوِّي مِن صَدِيقِي

أَرَانِي وقَوْمِي فَرَّقَتْنَا مَذَاهِبُ ... وإنْ جَمَعَتْنَا فِي الأَصُوُّل المَنَاسبُ

فأقصَاهُمُ أَقصَاهُم عَنْ مَسَاءَتِي ... وَأَقْرَبُهُمْ مِمَّا كَرِهْتَ الأَقَارِبُ

نَسِيبُكَ مَن نَاسَبْتَ بالود قَلْبَهُ ... وجَارُكَ مَن صَافَيْتَهُ لاَ المُصَاقِبُ

وأعَظَمُ أَعْدَاء الرِّجَالِ ثِقَاتُهَا ... وأَهْونُ مَن عَادَيْتَهُ مِنْ تُحَاربُ

وقال آخر:

وما زِلْتُ مُذْ نَمَّ العِذَارُ بِوَجْنَتي ... أُفَتِّشُ عن هَذَا الوَرَى وأُكَشِّفُ

فَمَا سَاءَنِي إِلاَّ الَّذِينَ عَرَفْتُهُمْ ... جَزَا الله خَيرَا كُلَّ مَن لَيْسَ نَعْرِفُ

وقال بعض الآباء الذين ذاقوا عقوق الأولاد لابن له:

<<  <  ج: ص:  >  >>