إلى الكبد فيستقر فيها ريثما يصلح له نضج آخر ثم يتفرق في الأعضاء ويبقى منه ثفل ثم يندفع.
فانظر إلى نعم الله عليك لتقوى على الشكر فإنك لا تعرف من نعمة الله تعالى إلا نعمة الأكل وهي أبسطها ثم لا تعرفه منها إلا أنك تجوع فتأكل والبهيمة أيضًا تعرف أنها تجوع وتأكل وتتعب فتنام وتشتهي فتجامع وإذا لم تعرف أنت من نفسك إلا ما يعرف الحمار فكيف تقوم بشكر الله تعالى.
قال: واعلم أن الأطعمة كثيرة مختلفة ولله تعالى في خلقها عجائب لا تحصى وهي تنقسم إلى أغذية وأدوية وفواكه وغيرها فنتكلم على بعض الأغذية فنقول إذا كان عندك شيء من الحنطة فلو أكلتها لفنيت وبقيت جائعًا فما أحوجك إلى عمل ينمو به حب الحنطة ويتضاعف حتى يفيء بتمام حاجتك وهو زرعها وهو أن تجعل في أرض فيها ماء يمتزج ماؤها فيصير طينًا.
ثم لا يكفي الماء والتراب إذ لو تركت في أرض ندية صلبة لم تنبت لفقد الهواء فيحتاج إلى تركها في أرض متخلخلة يتغلغل الهواء فيها، ثم الهواء لا يتحرك إليها بنفسه فيحتاج إلى ريح يحرك الهواء ويصرفه بقهر على الأرض حتى ينفذ فيها ثم كل ذلك وحده لا يغني فيحتاج على حرارة الربيع والصيف فإنه لو كان في البرد المفرط لم ينبت.
ثم انظر إلى الماء الذي تحتاج إليه هذه الزارعة كيف خلقه الله تعالى فجر العيون وأجرى منها الأنهار ولما كان بعض الأرض مرتفعًا لا يناله