للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلأنَّ فِي إِيجَابِ قَضَاءِ مَا فَاتَ في حَالِ كُفْرِهِ تَنْفِيرًا عَنِ الإِسْلامِ وَلَوْ أَسْلَمَ فِي أَثْنَائِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا مَضَى مِنْ الأَيَّامِ وَيَصُومُ مَا بَقِيَ مِنَ الشَّهْرِ.

وَلِحَدِيثِ ابن مَاجَة في وَفْدِ ثَقِيفٍ: قَدِمُوا عَلَيْهِ في رَمَضَانَ فَضَرَبَ عَلَيْهِمْ قُبَّةٌ بِالمَسْجِدِ. فَلَمَّا أَسْلَمُوا صَامُوا مَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ مِنَ الشَّهْرِ، إِذْ أَنَّ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ عِبَادَةٌ مُفْرَدَةٌ.

وَلا يَجِبُ الصَّوْمُ عَلَى مَجْنُونٍ، وَلا صَبِيٍّ حَتَّى يَبْلُغَ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٌ: عَنْ الصَّبِي حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يَفِيقَ، وَعَنِ النَّائِم حَتَّى يَسْتَيْقِظَ» .

وَأَمَّا اشْتِرَاطُ القُدْرَةِ عَلَى الصَّوْمِ فَلأَنَّ مَنْ لا يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِحَالٍ وَهُوَ الكَبِيرُ وَالعَجُوزُ - إَذا كَانَ الصَّوْمُ يُجْهِدُهُمَا وَيَشُقُّ عَلَيْهِمَا مَشَقَّةَ شَدِيدَةً - فَلَهُمَا أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} : لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ فِي الشَّّّّّيْخِ الكَبِيرِ، وَالمَرْأَةِ الكَبِيرَةِ اللَّذَيْنِ لا يَسْتَطِيعَانِ الصَّوْمِ فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا.

وَرُوِيَ أَنَّ أَنس بنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ - ضَعُفَ عَنِ الصَّوْمِ فَصَنَعَ جِفْنَةً مِنْ ثَرِيدٍ، فَدَعَا ثَلاثِينَ مِسْكِينًا فَأَطْعَمَهُمْ.

وَالمرِيضُ الذي لا يُرْجَى بُرْؤُهُ، حُكْمُهُ حُكْمُ الشَّيْخِ الكَبِيرِ، يُطْعِمُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. واللهُ أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

(فصل)

٣- مَا يَثْبُتُ بِهِ الشَّهْرُ:

وَيَجِبُ صَوْمُ رَمَضَانَ بِرُؤْيَةِ هِلالِهِ، أَوْ إِكْمَالِ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>