وَأَسَرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ أُمَيَّةَ بن خَلَفٍ، وابْنَهُ عَلِيًّا، فَأَبْصَرَهُ بِلالُ، وَكَانَ أُمَيَّةُ يُعَذِّبُ بِلالاً بِمَكَّةَ، فَقَالَ: رَأْسُ الكُفْرِ أُمَيَّةُ بن خَلَفِ، لا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا، ثُمَّ اسْتَصْرَخَ جَمَاعَةَ مِنَ الأَنْصَارِ، وَاشْتَدَّ عَبْدُ الرَّحْمَن ِبِهِمَا يَحْرِزُهُمَا مِنْهُمْ، فَأَدْرَكُوهُمْ فَشَغَلَهُمْ عَنْ أُمَيَّةَ بابْنِهِ، فَفَرغوا مِنْهُ وَلِحقُوهَمَا، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عَوْفٍ: أُبْرُكْ. فَبَرَكَ، فَأَلْقَى نَفْسَهُ عَلَيْهِ، فَضَرَبُوهُ بِالسَّيْفِ مِنْ تَحْتِهِ فَقَتَلُوهُ، وَأَصَابَتْ بَعْضُ السُّيُوفِ رِجْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عَوْفٍ.
وَبَاتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَتَهُ بِوَادِي بَدْرٍ، ثُمَّ أَصْبَحَ مُرْتَحِلاً بأَصْحَابِهِ إِلى الْمَدِينَةِ، وَمَعَهُ الأسَارَى مِن الْمُشْرِكِين، وَالنَّفَلُ الذِي أَصَابَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ الكُفَّارِ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، نَزَلَ فَقَسَمَ النَّفَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ بِالسَّواءِ وَجَعَلَ لِلْفَرَسِ نَصِيبًا، وَلِلْفَارِسِ نَصِيبًا، وَجَعَلَ لِوَرَثَةِ مَنْ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حِصَّةً، وَكَانَ فَرِيقٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَحْضُرُوا الوَقْعَةَ، لأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَّفَهُمْ أَعْمَالاً غَيْرَ أَعْمَالِ الْقِتَالِ، وَفَرِيقٌ حَجَزَهُ عُذْرٌ قَاهِرٌ، كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْلَمَهُ، فَأَسْهَمَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ، فَكَانُوا كَمَنْ حَضَرَ الْقِتَالَ، ثُمَّ ارْتَحَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ لَقِيَهُ الْمُسْلِمُونَ يُهَنِئُونَهُ بِمَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمُسْلِمِين، وَجَعَلُوا يَعْتَذِرُونَ لَهُ عَمَّا كَانَ مَنْ تَأَخُرهِمْ مِنْ الْخُرُوجِ مَعَهُ، فَقَالَ لَهُ أَسَيْدُ بنُ الْحُضَيْرِ: يَا رَسُولِ اللهِ الْحَمْدُ للهِ الذِي أَظْفَرَكَ، وَأَقَرَّ عَيْنُكَ، وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا كَانَ تَخَلُّفِي عَنْ بَدْرٍ، وَأَنَا أَظُنُّ أَنَّكَ تَلْقَى عَدُوًا، وَلَكِنْ ظَنَنْتُ أَنَّهَا عَيْرٌ وَلَوْ ظَنَنْتُ أَنَّهَا عَدُّوٌّ مَا تَخَلَّفْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقْتَ» وَمِمَّا يَنْطَبِقُ عَلَى النَّبِيِّ ? مَا يَلِي:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute