وَمَنْ لا عِنْدَهُ مَالُ ... فَعَنْهُ النَّاسُ قَدْ مَالُوا
والله أَعْلَمُ. وصلى الله على مُحَمَّد وعلى آله وصحبه وسلم.
" فَصْلٌ ": وأقل مَا فِي حبها أَنَّهُ يلهي عَنْ حب الله، وذكره، ومن ألهاه ماله عَنْ ذكر الله فهو من الخاسرين، قَالُوا: وإنما كَانَ حب الدُّنْيَا رأس الخطايا ومفسدًا للدين من وجوه، أحدها أنه يقتضي تعظيمها وهي حقيرة عِنْدَ الله.
ومن أكبر الذُّنُوب تعَظِيم مَا حقره الله، وثانيها: أن الله لعَنْهَا، ومقتها، وأبغضها إِلا مَا كَانَ لَهُ فيها، ومن أحب مَا لعنه الله، ومقته وأبغضه، فقَدْ تعرض للفتنة، ومقته وغضبه.
وثالثها: أَنَّهُ إِذَا أحبها صيرها غايته، وتوسل إليها بالأعمال التي جعلها الله وسائل إليه، وإلى الدار الآخِرَة، فعكس الأَمْر وقلب الحكمة فانتكس قَلْبهُ، وانعكس سيره إلى وراء.
فها هنا أمران: أحدهما جعل الوسيلة غاية، والثاني التوسل بأعمال الآخِرَة إلى الدُّنْيَا، وَهَذَا شر معكوس من كُلّ وجه، وقلب منكوس غاية الانتكاس.