للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْكَ، وَآلامُنَا وَأَحْزَانُنَا وَهُمُومُنَا وَغُمُومُنَا كُلُّهَا مَعْلُومَةٌ لَدَيْكَ، اللَّهُمَّ قَدْ عَجَزَتْ قُدْرَتُنَا، وَقَلَّتْ حِيلَتُنَا، وَضَعَفَتْ قُوَّتُنَا، وَتَاهَتْ فِكْرَتُنَا، وَاجْتَمَعَتْ عَلَيْنَا هُمُومُنَا وَأَوْصَابُنَا، وَأَنْتَ مَلْجَؤُنَا، وَمَلاذُنَا وَمَوْلانَا، وَسَيِّدُنَا وَإِلَيْكَ نَرْفَعُ بَثَّنَا وَحُزْنَنَا، وَشِكَايَتُنَا، يَا مَنْ يَعْلَمِ سِرَّنَا وَعَلانِيَّتُنَا، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ تَوَكَّلَ عَلَيْكَ، وَأَمِّنْ خَوْفَنَا إِذَا وَصَلْنَا إِلَيْكَ، وَلا تُخَيِّبْ رَجَاءَنَا إِذَا صِرْنَا بَيْنَ يَدَيْكَ، وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ تَسُوقُهُ الضَّرُورَاتُ إِلَيْكَ وَهَبْ لَنَا مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيم، وَجُدْ عَلَيْنَا بِإِحْسَانِكَ الْعَمِيمْ وَمَتِّعْنَا بِالنَّظَرِ إِلى وَجْهِكَ الْكَرِيم.

اللَّهُمَّ مَكِّنْ حُبَّكَ فِي قُلُوبِنَا وَأَلْهِمْنَا ذِكْرَكَ وَشُكْرَكَ وَوَفِّقْنَا لامْتِثَالِ طَاعَتِكَ وَأَمْرِكَ، وَاْغِفرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

(فَصْلٌ)

ثُمَّ وَقَعُوا عَلَى الْغَنَائِم وَالأَسْلابِ يَجْمَعُونَهَا وَيَنْتَهِبُونَهَا وَهُمْ مُطْمَئِنُونَ إِلى أَنَّ ظُهُورَهُمْ لا تَزَالُ مَحْمِيَّةً بِرُمَاتِهِمْ، أَمَّا الرُّمَاةُ فَقَدْ خُيِّلَ لَهُمْ أَنَّ الْمَعْرَكَةَ انْتَهَتْ. وَأَنَّ الْهَزِيمَةَ قَدْ تَمَّتْ، وَخَشُوا أَنْ يَسْبَقَهُمْ إِخْوَانُهُمْ فِي جَمْعِ الْغَنَائِمِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا بَقَاؤُنَا هُنَا، وَقَدْ هَزَمَ اللهُ الْعَدُوَّ، هَؤُلاءِ إِخْوَانُكُمْ يَغْنَمُونَ، فَادْخُلُوا فَاغْنَمُوا مَعَ إِخْوَانِكُمْ، فَذَكَّرَهُمْ أَمِيرُهُمْ عَهْدَ رَسُولِ اللهِ ? وَوَصَيَّتَهُ لَهُمْ، وَحَذَّرَهُمْ عَاقِبَةَ الْخِلافِ وَالْعِصْيَانِ، وَلَكِنْ لَمْ يَسْمَعُوا مِنْهُ، وَظَنُّوا أَنْ لَيْسَ لِلْمُشْرِكينَ رَجْعَةٌ، فَذَهَبُوا فِي طَلَبِ الْغَنِيمَةِ وَأَخْلَوا الثَّغْرَ، وَتَرَكُوا أَمِيرَهُمْ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ لا يُجَاوِزُونَ الْعَِشْرَةَ فَانْكَشَفَ بِذَلِكَ الْحِصْنُ الذِي كَانَ يَحْمِي ظُهُورَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ خَالِدُ بن الْوَلِيدِ يَتَقَهْقَرُ وَعَيْنُهُ إِلى التَّلِّ لا تُفَارِقُهُ، فَلَمَّا رَأَى الرُّمَاةَ يَتْرُكُونَ مَوَاقِفَهُمْ انْقَلَبَ رَاجِعًا فِي دَوْرَةٍ، وَاسِعَةٍ مُتَّخِذًا مِنْ الأَرَاضِي الْمَسْتُورَةِ دَرْبًا وَطَرِيقًا

<<  <  ج: ص:  >  >>