لَهُ، وَجَاءَ فِي أَعْقَابِهِ عِكْرَمَةُ بِلِوَائِهِ، فَتَسَلَّلوا فَوْقَ الْجَبَلِ وَأزَاحُوا الرُّمَاةَ الْبَاقِينَ مِنْ أَمَاكِنِهِمْ وَاقْتَحَمُوا خُطُوطَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْخَلْفِ، وَجَعَلُوا يَتَنَادُونَ بِشَعَارِهِمْ، يَا لَلْعُزَّى، يَالِهَبَلْ، فَأَقْبَلَ الْمُشْرِكُونَ بَعْدَ إِدْبَارِهِمْ، وَأَخَذَتْ عُمْرَةُ بِنْتُ عَلْقَمَةَ الْحَارِثِيَّةُ اللِّوَاءِ فَرَفَعَتْهُ، فَجَعَلُوا يَلُوذُونَ بِهِ وَفُوجِئَ الْمُسْلِمُونَ بِأَعْدَائِهِمْ قَدْ حَاصَرُوهُمْ وَأَوْجَعُوا فِيهِمْ قَتْلاً ذَرِيعًا فَاضْطَرَبَ أَمْرَهُمْ واَنْتَقضَتْ صُفُوفُهُمْ، وَجَعَلُوا يُقَاوِمُونَ عَلَى غَيْرِ نِظَامٍ وَيُقَاتِلُونَ عَلَى غَيْرِ شِعَارٍ، وَتَرَكُوا مَا انْتَهَبَوا وَخَلُّوا مَنْ أَسَرُوا، وَتَفَرَّقُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ. وَهَذِهِ عَاقِبَةُ الْحِرْصِ عَلَى الدُّنْيَا وَالْعَجَلَةْ الْمُثْمِرَة لِلنَّدَامَة.
شِعْرًا: ... وَمُسْتَعْجِلِ وَالْمُكْثِ أَدْنَى لِرُشْدِهِ ... وَلَمْ يَدْرِ مَا يَلْقَاهُ حِينَ يُبَادِرُ
وَنَظَرَ حُذَيْفَةَ إِلى أَبِيهِ الْيَمَانِ وَالْمُسْلِمُونَ يُرِيدُونَ قَتْلَهُ وَهُمْ يَظُنُّونَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: أَيْ عِبَادَ اللهِ أَبِي، فَلََمْ يَفْهَمُوا قَوْلَهُ حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ: يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ، فَأَرَادَ رَسُولُ اللهِ ? أَنْ يَدِيهُ، فَقَالَ: قَدْ تَصَدَّقْتُ بِديتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَزَادَ ذَلِكَ حُذَيْفَةَ خَيْرًا عِنْدَ النَّبِيِّ ?.
وَقَالَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ ? يَوْمَ أُحُدٍ أَطْلُبُ سَعْدَ بن الرَّبِيعِ، فَقَالَ لِي: «إِنْ رَأَيْتَهُ فَأقْرأَهُ مِنِّي السَّلام َ، وَقُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ رَسُولُ اللهِ ?: كَيْفَ تَجِدُكَ» ؟ قَالَ: فَجَعَلْتُ أَطُوفُ بَيْنَ الْقَتْلَى فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ بِآخِرِ رَمَقٍ وَبِهِ سَبْعُونَ ضَرْبَةً مَا بَيْنَ طَعْنَةٍ بِرُمْحٍ وَضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ.
فَقُلْتَ: يَا سَعْدُ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامُ، وَيَقُولُ لَكَ: «أَخْبِرْنِي كَيْفَ تَجِدُكَ» ؟ فَقَالَ: وَعَلَى رَسُولِ اللهِ ? السَّلام، قُلْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ، وَقُلْ لِقَوْمِي الأَنْصَار: لا عُذْرَ لَكُمْ عِنْدَ اللهِ إِنْ خُلِصَ إِلى رَسُولِ اللهِ ? وَفِيكُمْ عَيْنٌ تَطْرُف وَفَاضَتْ نَفْسُهُ مِنْ وَقْتِهِ.
شِعْرًا: ... وَمَا الْمَرْءُ إِلا حَيْثُ يَقْضِي حَيَاتَهُ ... لِنُصْرَةِ دِينِ الله لا لِلتَّكَاثُرِ
آخر: ... وَمَا الْبَأْسُ إِلا فِي لِحَدِيدِ مُرَكبٌ ... ومَا الْعِزُّ إلا في التُّقَى والدِّيَانَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute