" فصل " فِي الْوَعْظ وَالإِرْشَاد
اعْلَمْ وَفَّقَنَا اللهُ وَإِيَّاكَ وَجَمِيعَ الْمُسْلِمِين لِمَا يُحِبَّهُ وَيَرْضَاهُ أَنْ الدَّعْوَةَ إِلَى اللهِ عَمَلُ الأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِين صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهمْ أَجْمَعِين، وَأَنَّ الْعُلَمَاءَ نُوَّابُ عَنِ الأَنْبِيَاءِ فِي هَذَا الأَمْر الْخَطِيرِ فَهُمْ أُمَنَاءُ اللهِ عَلَى شَرْعِهِ وَالْحَافِظُونَ لِدِينِهِ الْقَويِمِ وَالْقَائِمُونَ عَلَى حُدُود اللهِ وَالْعَارِفُونَ بِمَا يَجِبُ للهِ مِنْ كَمَالٍ وَتَنْزِيهٍ.
لِذَلِكَ كَانَ أَئِمَّة الْمُسْلِمِين المْخُلِصُونَ فِي أَعْمَالُهُمْ الصَّادِقُونَ فِي أَقْوَالِهِمْ الْبَعِيدُونَ عَنْ الرِّيَاءِ وَحَبِّ الشُّهْرَة وَالْمَدْحِ يَسِيرُونَ بِالْخَلْقِ نَحْوَ سَعَادَتِهِمْ بِمَا يُعَلِّمُونَهُمْ مِنْ أُمُورِ دِينِهِمْ وَبِمَا يُرْشِدُونَهُمْ إِلِيْهِ مِنَ التَّحَلِّي بِالْفَضِيلَةِ والتَّخَلِّي عَنْ الرَّذِيلَةِ وَاعْتَقَدَ النَّاسُ فِيهِمْ ذَلِكَ وَأَمّلُوهُمْ لَهُ فَأَحَلُّوهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ مَحَلاً لَمْ يَبْلُغْهُ سِوَاهُمْ مِنَ الْبَشَرِ حَتَّى اكْتَسَبُوا فِي قُلُوبِهِمْ مَكَانَةً يُغْبَطُونَ عَلَيْهَا وَرَبَحُوا مَنْزِلَةً تَصْبُوا إِلَيْهَا نُفُوسِ ذَوِي الْهِمَّةِ الْعَالِيةِ وَالْفَضْلِ.
وَنَاهِيكَ بِقَوْمِ إِذَا فَعَلُوا لَحَظَتْهُمْ الْعُيُونُ وَإِذَا قَالُوا: أَصْغت الآذَان وَوَعَتِ الْقُلُوب وَحَكَتِ الأَلْسُن فَهُمْ مَطْمَح الأُنْظَار وَمَوْضع الثَّقَةِ والْحُجَّةِ الْبَالِغَةِ وَالْبُرْهَانِ الْقَاطِعِ وَالنُّورِ السَّاطِعِ، قَالَ الله تَعَالَى ": {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}
شِعْرًا: ... مَحَاسِنُ أَصْنَافِ الدُّعَاةِ كَثَيرَةٌ ... وَمَا قَصَبَاتُ السَّبْقِ إِلا لأحمد
آخر: ... لا يُدْرِكُ الْمَجْدَ إِلا مُخْلِص وَرِع ... كَثَير ذِكْرِ لِخَلاقِ السَّمَاوَات
مُتَابِعٌ لِرَسُول اللهِ دَيْدَنَهُ ... تِلاوَة الذِّكْرِ مَعَ حِفْظٍ لأَوْقَاتٍ
آخر: ... وَأَحْسَنُ مُقْرُونِينَ فِي لَفْظٍ نَاطِقٍ ... ثَنَاء عَلَى رَبِّ الْعِبَادِ وَشُكْرِهِ
الْمَعْنَى لا أَحَد أَحْسَنُ كَلامًا وَطَرِيقَةً وَحَالَةً مِمَنْ دَعَا النَّاسَ عَلَى طَاعَةِ اللهِ وَطَاعَةِ رَسُلِهِ وَذَلِكَ بِتَعْلِيمِ جَاهِلِيهُمْ وَوَعَظَ غَافِلَهُمْ وَنَصْحِ مُعْرِضْهُمْ وَمُجَادَلَةِ مُبْطِلِهِمْ بِالأَمْر بِعِبَادَةِ اللهِ بِجَمَيعَ أَنْوَاعِهَا وَالْحَثِ عَلَيْهَا وَتَحْسِينِهَا وَتَحْبِيبِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute