.. وَفَوْتُ جِنَانِ الخُلْدِ أَعْظَمُ حَسْرَةً ... عَلى تِلْكَ فَلْيَسَتَحْسِرِ المُتَحَسِّرُ
فَأُفًّ لَنَا أُفٍّ كِلابُ مَزَابِلٍ ... إلى نَتْنِهَا نَغْدَوْا وَلا نَتَدَبَّرُ
نَبِيْعُ خَطيراً بالحقيرِ عِمَايَة ... وَلَيْسَ لَنَا عَقْلٌ وَلُبٌّ مُنَوَّرُ
فَطُوْبَي لِمنْ يُؤْتَى القَنَاعَةَ وَالتُّقَى ... وَأَوْقَاتُهُ في طَاعةِ اللهِ يَعْمُرُ
فَيَا أَيُّهَا الأَخْوَانُ مِنْ كُلِّ سَامعٍ ... لَهُ فَهْمُ قَلبٍ حَاضرٍ يَتَذَكَّرُ
أَلاَ إنَّ تَقْوَى اللهِ خَيْرُ بِضَاعَةٍ ... لِصَاحِبها رِبْحٌ بِهَا لَيْسَ يَخْسَرُ
وَطَاعَتُهُ لِلْمُتَّقِى خَيْرُ حِرْفَةٍ ... بِهَا يَكْسِبُ الخَيْرَاتِ وَالسَّعْيُ يُشْكَرُ
إِذَا أَصْبح البَطَّالُ في الحَشْرِ نَادِماً ... يَعُضُّ عَلى كَفٍّ أَسىً يَتَحسَّرُ
فَطُوْبَى لِمَنْ يُمْسِيْ وَيُصْبحُ عَامِلاً ... عَلى كُلُّ شَئٍ طَاعَة اللهِ يُؤْثِرُ
بِهَا يَعْمُرُ الأَوْقَاتَ أَيَّامَ عُمْرِهِ ... يُصَلّيْ وَيَتْلُو لِلكِتَابِ وَيَذْكُرُ
وَيَأْنَسُ بِالمَوْلَى وَيَسْتَوْحِشُ الوَرَى ... وَيَشْكُرُ في السَّرَّا وَفي الضَّرَّا يَصْبِرُ
وَيَسْلُوْ عَنَّ اللَّذَّاتٍ بِالدُّوْنِ قَانِعُ ... عَفِيْفٌ لَهُ قَلبٌ نَقِيُّ مُنَوَّرُ
حَزِيْنٌ نَحِيْلٌ جِسْمُهُ ضَامِرُ الحَشَا ... يَصُوْمُ عَنَّ الدُّنْيَا عَلى المَوْتِ يُفْطِرُ
إِذَا ذُكِرَتْ جَنَّاتُ عَدْنٍ وَأَهْلُهَا ... يَذُوْبُ اشْتِيَاقاً نَحْوَاهَا وَيُشَمِّرُ
وَيَعْلُو جَوَادَ العَزْمِ أَدْهَمَ سَابِقاً ... وَأَبْيَضَ مَجْنُوباً عَن النُّوْرِ يُسْفِرُ
فَأَدْهَمُ يَسْقِيْ مَاءَ عَيْنٍ وَأَبْيَضٌ ... لِصَبْرٍ عَلى صَوْمِ الهَجِيْرِ يُضَمَّرُ
وَيَرْكُضُ في مَيْدَانِ سَبْقٍ إلى العُلا ... وَيَسْرِىْ إلى نَيْلِ المَعَاليْ وَيَسْهَرُ
فَمَجْدُ العُلاَ مَا نَالهُ غَيْرُ مَاجِدٍ ... يُخَاطِرُ بِالرُّوْحِ الخَطِيْرِ فَيَظْفُرُ
سَأَلْتُ الذِيْ عَمَّ الوُجُوْدَ بِجُوْدِهِ ... وَمَنْ مِنْهُ فَيْضُ الفَضْل لِلْخَلْقِ يَغْمُرُ
يَمُنُّ عَلَيْنَا فِي قَبُولِ دُعَائِنَا ... وَيُلْحِقُنَا بِالصَّالِحِيْنَ وَيَغْفِرُ
وَأَزَكْى صَلاةِ اللهِ ثُمَّ سَلامِهِ ... عَلى المُصْطَفَى مَا لاَحَ فِيْ الأُفْقِ نَيِّرُ