للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمشي ويتبختر، إذ نظر إليه الحسن نظرة فَقَالَ: أف أف، شامخ بأنفه ثاني عطفه، مصعر خده، ينظر فِي عطفِيه أي حميق ينظر فِي عطفِيه فِي نعم غَيْرَ مشكورة ولا مذكورة، غَيْرَ المأخوذ بأمر الله فيها، ولا المؤدي حق الله منها وَاللهِ أن يمشي أحدهم طبيعته يتلجلج تلجلج المجنون فِي كُل عضو منه نعمة وللشيطان بِهَا لعنة، فسمعه ابنُ الأهتم، فرجع يعتذر إليه، فَقَالَ: لا تعتذر إليَّ وتب إلي ربك، أما سمعت قول الله تعالى: {وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً} .

ورأي ابن عمر رجلاً يخطر فِي مشيته فَقَالَ: إن للشياطين إخواناً.

وروي عن عَلَى بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال: من أراد أن ينظر إلي رجل من أَهْل النار فلينظر إلي رجل قاعد وبين يديه قوم قيام، وَقَالَ أنس: لم يكن شخص أحب إليهم من رسولِ الله ?، وكَانُوا إِذَا رأوه لم يقوموا لَهُ لما يعلمون من كراهته لذلك.

ومن آثار الكبر أن المتكبر يحرص جداً عَلَى أن يمشي معه غيره ويكون الماشي معه خلفه، وكَانَ عبد الرحمن بن عوف لا يعرف من بين عبيده إذ كَانَ لا يظهر فِي صورة ظاهرة، ومشي قوم خلف الحسن البصري فمنعهم، وكَانَ ? فِي بعض الأوقات يمشي مَعَ بعض أصحابه فيأمرهم بالتقدم ويمشي فِي غمارهم، إما لتعليم غيره أو لينفِي عن نَفْسه وساوس الشيطان بالكبر والإعجاب.

ومن آثار الكبر أن يستنكف من جلوس غيره معه بالقرب منه إلا أن يجلس بين يديه، والتواضع خلافه، ومنها أن لا يتعاطي شغلاً فِي بيته، وقَدْ كَانَ النَّبِيّ ? كما روت عَائِشَة – فِي مهنة أهله يعني خدمتهم، من آثار الكبر أن لا يحمل متاعه إلي بيته ولَوْ كَانَ لا يثقله، وَهُوَ خلاف التواضع، فقَدْ كَانَ ? يفعل ذَلِكَ، وَقَالَ عَلَى كرم الله وجهه: لا ينقص الرجل الكامل من

<<  <  ج: ص:  >  >>