رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه» . رواه مسلم.
فشكر المنعم واجب، ولله سبحانه عَلَى العباد نعم، لا تحصى كما قال تعالى:{وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا} من ذلك نعمة الخلق والإيجاد، وجعل سبحانه وتعالى للوالدين نعمة الايلاد والتربية الصالحة، والعناية التامة بالأولاد، وأكبر الخلق وأعظمهم نعمة عَلَى الإنسان بعد رسل الله والده اللذان جعلهما الله سببًا لوجوده واعتنيا به منذ كان حملاً إِلَى أن كبر.
فأمه حملته شهورًا تسعًا قي الغالب تعاني به فِي تلك الأشهر مَا تعاني من آلام من مرض ووحم وثقل فإذا آن وقت الوضع وأجاءها المخاض، شاهدت الموت، وقاست من الآلام مَا الله به عليم فتارة تموت، وتارة تنجو ويا ليت الألم والتعب ينتهي بالوضع كان الأمر سهلاً ولكن يكثر النصب ويشتد بعده قال الله تعالى:{حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً} ثم ترضعه حولين كاملين غالبًا فتقوم به مثقلة وتقعد به مثقلة، تضيق أحشاؤها وقت حمله بالطعام والشراب. وتضعف عند الوضع أعضاؤها.
ثم بعد ذلك صياح بالليل يحرم الوالدين النوم، وكذلك بالنهار يقلق به راحتهما، ويتعب قلبيهما، ويذرف دموعهما، ومرض يعتري الولد من وقت لآخر، تنخلع له قلوبهما انخلاعًا وتنهد به أبدانهما هدًّا.
وتعهد من الأم لجسمه بالغسل، ولثيابه بالتنظيف، ولإفرازاته بالإزالة، لا يومًا ولا يومين، ولا شهرًا ولا شهرين ولا سنةً ولا سنتين هي به ليلها ونهارها فِي متاعب ومشاق، تصغر بجانبها متاعب المؤبدين فِي الأعمال الشاقة.