(فَصْلٌ) : قَالَ ابن الجوز: تباعد عَنْ أَهْل السُّوء وباعد أولادك عنهم لا يعادونك بأفعالهم وأقوالهم وطباعهم ولا يزال يقسو قلبك حَتَّى يستأنس بِهُمْ فهناك الهلاك، والسُّوء يتفاوت فمن أهله أَهْل الفواحش وَمِنْهُمْ أَهْل اللهو وَمِنْهُمْ أَهْل الغيبة والنميمة وَمِنْهُمْ أَهْل الملاهي وآلات الطرب.
فَإِنَّهُمْ يسبون أَهْل العقول عقولهم حَتَّى ينحلوا عَنْ دينهم ومروءتهم فيعسر عَلَيْهمْ الخلاص لما يجدونه من لذة النعمَاتَ والأصوات، حَتَّى يكون عادة وطبع فربما يجلس الرجل إليهم وَهُوَ كاره لسماع لغواهم مستوحش من نَفْسهُ ثُمَّ لا يزال على ذَلِكَ حَتَّى يراه حسنا.
من كيد الشيطان أن يورد ابن آدم المورد التي يخيل إليه أن فيها منفعته ثُمَّ يصدره المصادر التي فيها عطبه ويتخلى عَنْهُ ويسلمه للهلاك ويقف يتشمت به ويضحك منه، فيأمره بالسرقة والقتل واللواط والزنا ويدل عَلَيْهِ ويفضحه، قَالَ الله تَعَالَى:{كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ} .
ثُمَّ اعْلَمْ أن إبلَيْسَ لعنه الله طلاع رصاد وما هُوَ بشَيْء من فخوخه بأوثق لصيده من النساء خُصُوصًا المسناة العجائز الماهرات بالحيل والمكر والخديعة، قَالَ بَعْضُهُمْ: