اللَّهُمَّ إِنَا ظلمنا أنفسنا فاغفر لَنَا ذنوبنا وهب لَنَا تقواك واهدنا بهداك ولا تلكنا إِلَى أحد سواك. واجعل لَنَا من كُلّ هم فرجًا ومن كُلّ ضيق مخرجًا. اللَّهُمَّ أعذنا بمعافتك من عقوبتك وبرضاك من سخطك. اللَّهُمَّ إِنَا نسالك التَّوْفِيق للهداية والبعد عَنْ أسباب الجهالة والغواية ونسألك الثبات على الإِسْلام والسُنَّة وأن لا تزيغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ونعوذ بك من مضلات الفتن ما ظهر مَنْهَا وما بطن ونسألك أن تنصر دينك وكتابك ورسولك وعبادك الْمُؤْمِنِينَ وأن تظهر دينك على الدين كله ولو كره الكافرون. وَاللهُ أَعْلَمُ. وصلى الله على مُحَمَّد وآلِهِ وسلم.
" فَصْلٌ "
قَالَ ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ:
لذة كُلّ أحد على حسب قدره وهمته وشرف نَفْسهُ فأشرف النَّاس نفسًا وأعلاهم همة وأرفعهم قدرًا من لذته فِي معرفة الله ومحبته والشوق إِلَى لقائه والتودد إليه بما يحبه ويرضاه فلذته فِي إقباله عَلَيْهِ وعكوف همته عَلَيْهِ.
ودون ذَلِكَ مراتب لا يحصيها إلا الله حَتَّى تنتهي إِلَى من لذته فِي أخس الأَشْيَاءِ من القاذورات والفواحش فِي كُلّ شَيْء من الكلام والأفعال والأشغال فلو عرض عَلَيْهِ ما يلتذ به الأول لم تسمح نَفْسهُ بقبوله ولا الالتفات إليه، وَرُبَّمَا تألمت من ذَلِكَ كما أن الاول إِذَا عرض عَلَيْهِ ما يلتذ به هَذَا لم تسمح نَفْسهُ به ولم تلتفت إليه ونفرت نَفْسهُ منه، وأكمل النَّاس لذة من جمَعَ لَهُ بين لذة الْقَلْب والروح ولذة البدن فهو يتناول لذاته المباحة على وجه لا ينقص حظه من الدار الآخِرَة ولا يقطع عَلَيْهِ لذة المعرفة والمحبة والأنس بربه فهَذَا ممن قَالَ تَعَالَى فيه {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ}