وَلَمَّا وَلِيَ خَيَّرَ جَوَارِيْهِ وَقَالَ قَدْ نَزَلَ بِيْ أَمْرٌ قَد شَغَلَنِيْ عَنْكُنَّ إلَى يَوْمِ القِيَامَةِ وَحَتَّى يَفْرُغَ النَّاسُ مِنَ الحِسَابِ فَمَنْ أحَبَّتْ مِنْكُنّ عِتْقَها أَعْتَقْتُهَا وَمَنْ أَحَبَّتْ أَنْ أُمْسِكَهَا عَلى أَنْ لا يَكُوْنَ مِنِّيْ إلَيْهَا شَئٌ فَبَكَيْنَ وَارْتَفَعَ بُكَاؤُهُنَّ إِيَاساً مِنْهُ.
وَكَانَ يَخْطُبُ النَّاسَ بِقَمِيْصٍ مَرْقُوْعِ الجَيْبِ مِنْ قُدَّامْ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ.
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ إنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَعْطَاكَ فَلَوْ لَبِسْتَ فَنَكَّسَ رَأسَهُ سَاعَةً ثمّ قالَ أفْضَلُ القَصْدِ عَن الجِدَةٍ وَأفْضَلُ العَفْوِ عَنْ المَقْدِرَةِ.
وَذَكَرَتْ زَوْجَتُه فَاطِمَةُ بِنْتُ عبد المَلِكِ أَنَّ عُمَرَ مَا اغْتَسَلَ عَنْ حُلُمٍ وَلا جَنَابَةٍ مُنْذُ وَلَى الخِلَافَةَ نَهَارُهُ في أَشْغَالِ النَّاسِ وَرَدِّ المَظالِم إلى أَهْلِهَا وَلَيْلُه في عِبَادَةِ رَبِّهِ.
وَقَالَ مَسْلَمَةُ بْنُ عبد المَلِكِ دَخَلْتُ عَلى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عُمَرَ بْنِِ عَبْدِ العَزِيْزِ رَضيَ اللهُ عَنْهُ أَعُودُهُ في مَرَضِهِ الذِي مَاتَ فِيْهِ فَإذَا عَلَيْهِ قَمِيْصٌ وَسِخٌ فَقُلْتُ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ عَبْدِ المَلِكِ اغْسِلِيْ قَمِيْصَ أَمِيْرِ المُؤمِنِينَ فَقَالَتْ نَفْعَلُ إنْ شَاءَ اللهُ قَالَ مَسْلمَةُ ثُمَّ عُدْتُه فَإذَا القَمِيْصُ عَلى حَالِهِ فَقُلْتُ يَا فَاطِمَةَ أَلَمْ آمُرُكِ أَنْ تَغْسِلِيْ قَمِيْصَ أَمِير المؤمِنينَ فَإنَّ النَّاسَ يَعُوْدُوْنَهُ فَقَالَتْ وَاللهِ مَا لَهُ قَمِيْصٌ غَيْرُهُ وَكانَ رَحِمَهُ اللهُ كَثِيْراً مَا يَتَمَثَّلُ بِهَذِهِ الأَبْيَاتِ:
نَهَارُكَ يَا مَغْرُوْرُ سَهْوٌ وَغَفْلَةٌ
وَلَيْلُكَ نَوْمٌ وَالرَّدَى لَكَ لَازِمُ
... ... ...
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute