للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلتَ لما لمْ يكنْ ذا تقىً ... تَعَارَضَ المانعُ والمقتضي

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِسُلُوكِ مَنَاهِج المتقِين وَخَصَّنَا بالتَّوفِيق المُبين واجْعَلْنَا بِفَضْلِكَ مِنْ عِبَادِكَ المُخْلِصِين الذين لا خَوْفٌ عَلَيْهم ولا هُمْ يَحْزَنُونَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَم الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.

[فَوائدُ نَافِعةٌ حَوْلَ الإِفْتَاءِ والاِسْتِفْتَاءِ]

اعلم وفقنا الله وإياك وجميع المسلمين لما يحبه ويرضاه أن الفُتْيَا أمرها عظيم، ولقد كان السلف رحمهم الله يأبون الفُتْيَا، وَيُشَدِّدُونَ فيها ويَتَدَافَعُون عكس ما عليه علماء هذا العصر.

فعن عبد الرحمن بن أبي ليلي قَالَ: أدركت عشرين ومائة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُسْئَلُ أَحَدُهُم عن المسألة فَيَرُدَّهَا هذا إلى هذا، وهذا إلى هذا حتى ترجع إلى الأول.

وفي رواية ما منهم مَن يُحَدِّث بحديث إلا ود أن أخاه كفاه إياه، ولا يُسْتَفْتَى عن شيء إلا ود أَنَّ أخاه كفاه الفُتيا. وأنكر الإمام أحمد وغيره على مَن يَهْجمُ على الجواب لِخَبَرِ: أجْرَؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار.

وقَالَ الإمام أحمد: لا ينبغي أن يجيب في كل ما يُسْتَفْتَى فيه، وقَالَ: لا ينبغي للرجل أن يعرض نفسه لِلْفُتْيَا حتى يكون في خمس خصال:

أحدها: أنْ تكون له نية، وهي أن يخلص لله تعالى، ولا يقصد رياسة ولا نحوها، فإن لم يكن له نية لم يكن عليه نور، ولا على كلامه نور.

الثانية: أن يكون له حلم ووقار وسكينة، وإلا لم يتمكن من فعل ما تصدى له من بيان الأحكام الشرعية.

الثالثة: أن يكون قويًا على ما هو فيه وعلى معرفته، وإلا فقد عَرَّضَ نَفْسَه لَخَطَرٍ عظيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>