للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ صَحِبَ الدُّنْيَا عَلَى سُوءِ فِعْلِهَا ... فَأَيَّامُهُ مَحْفُوفَةٌ بِالْمَصَائِبِ

فَخُذْ خِلْسَةً مِنْ كُلِّ يَوْمٍ تَعِيشُهُ ... وَكُنْ حَذِرًا مِنْ كَآمِنَاتِ الْعَوَاقِبِ

آخر: ... وَمَا خَيْرَ عَيْشُ نِصْفُهُ سِنَةُ الْكَرَى ... وَنِصَفٌ بِهِ نَعْتَلُ أَوْ نَتَوَجَّعُ

مَعَ الوَقْتِ يَمْضِي بُؤْسُهُ وَنَعِيمُهُ ... كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَالوَقْتُ عُمْرُكَ أَجْمَعُ

آخر: ... طُبِعَتْ عَلَى كَدَرٍ وَأَنْتَ تَرُومُهَا ... صَفْوًا مِنَ الأَقْذَارِ وَالأَكْدَارِ

وَمُكَلِّفُ الأَيَّامِ ضَدَّ طِبَاعِهَا ... مُتَطَلِّبُ فِي النَّارِ جَذْوَةَ نَارِ

وَإِذَا رَجَوْتَ الْمُسْتَحِيلَ فَإِنَّمَا ... تَبْني الرَّجَاءَ عَلَى شَفِِيرٍ هَارٍ

آخر: ... وَمَا اسْتَغْرَبَتْ عَيْنِي فِرَاقًا رَأَيْتُهُ ... وَلا أَعْلَمَتْنِي غَيْرَ مَا الْقَلْبِ عَالِمُهُ

آخر: ... وَهَبْنِي مَلَكْتُ الأَرْضَ طُرَّا وَنِلْتُ مَا ... أُنِيلَ ابْنُ دَاودٍ مِنَ الْمَالِ وَالْمُلْكِ

أَلَسْتُ أَخَلِّيهِ وَأُمْسِي مُسَلَّمًا ... بِرَغْمِي إِلَى الأَهْوَالِ فِي مَنْزِلٍ ضَنْكِ

آخر: ... مَتَى تَسْتَزِدْ فَضْلاً مِنَ الْعُمْرِ تَغْتَرِفْ ... بِسِجِلَّيْكَ مِنْ أَرْيِ الْخُطُوبِ وَصَابِهَا

يُسَرُّ بِعُمْرَانِ الدِّيَارِ مُظَلَّلٌ ... وَعُمْرَانُهَا يَدْنُوهُ بِهَا مِنْ خَرَابِهَا

وَلَمْ ارْتَضِ الدُّنْيَا أَوَانَ مَجِيئَهَا ... فَكَيْفَ أَرْتَضِائيها أَوْانَ ذَهَابِهَا

آخر: ... لَمْ يَبْقَ فِى الْعَيْشِ غَيْرَ الْبُؤْسِ وَالنَّكَدِ ... فَاهْرَبْ إِلَى الْمَوْتِ مِنْ هَمٍّ وَمِنْ كَمَدِ

مَلأَتَ يَا دَهْرُ عَيْنِي مِنْ مَكَارِهِهَا ... يَا دَهْرُ حَسْبُكَ قَدْ أَسْرَفْتَ فَاقْتَصِدْ

قَالَ ابن الجوزى: ولولا الدُّنْيَا دارُ ابتلاء لم تعتور فيها الأمراض والأكدار ولم يضق العيش فيها على الأَنْبِيَاء والأخيار فآدم يعاني المحن إِلَى أن خَرَجَ من الدُّنْيَا، ونوح بكى ثلاثمائة عام، وإبراهيم يكابد النار وذبح الولد، ويعقوب بكى حَتَّى ذهب بصره، ومُوَسى يقاسى فرعون ويلقى من قومه المحن. وعيسى بن مريم لا مأوى لَهُ إلا البراري فِي العيش الضنك ومُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - يصابر الفقر وقتل عمه حمزة، وَهُوَ من أحب أقاربه إليه، ونفور قومه عَنْهُ، وقَدْ قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «الدُّنْيَا سجن المُؤْمِن وجنة الكافر» . فإذا بان بأنها دار ابتلاء وسجن ومحن فلا ينبغي إنكار وقوع المصائب فيها وقَالَ: رَأَيْتُ جمهور النَّاس إِذَا طرقهم المرض أَوْ غيره من المصائب اشتغلوا تَارَّة بالجزع والشكوى، وتَارَّة بالتداوي، إِلَى أن يشتد عَلَيْهمْ فيشغلهم اشتداده عَنْ الالتفات إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>