آخر، وتجد هَذَا مصابًا بعقوق الأبناء لأنهم خرجوا عَنْ الصراط المستقيم، وسلكوا طَرِيق الشيطان، وتجد الآخر مصابًا بسوء خلق زوجته فهو معها دَائِمًا فِي شقاق وعناء ونشوز ولجاج.
وتجد مصابًا بالفقر المدقع وَهَذَا تجده مصابًا بالعقم، وَهَذَا تجده مصابًا بكساد تجارته، وَهَذَا مصابًا ببوار زراعته، أَوْ صناعته، وَهَذَا مصابًا بجيران سوء يذيعون ما يسوءُ ويكتمون الْخَيْر، وتجده معهم دَائِمًا فِي لجاج، وَهَذَا تجده مَعَ أقربائه فِي شقاق وقطيعة، وشكاوى وتردد بين المحاكم والمناطق، وَهَذَا تجدع مَعَ شركائه أَوْ مَعَ أرحامه كَذَلِكَ فِي نكد.
وتَرَى هَذَا لا حظ لَهُ فِي الحياة يجد ويجتهد ولا ينال مناه ويشقى ويتعب ولا يحصل على مبتغاه، وَهَذَا تجده مسلطين عَلَيْهِ والديه أَوْ أحدهما وَهَذَا تجده مظلومًا وَهَذَا مسجونًا، وهكَذَا إِلَى نهاية سلسلة الآلام التي لا تقف عَنْدَ حد ولا يحصيها عد، ولَقَدْ صدق من قَالَ:
شِعْرًا: ... كُلُّ مَنْ لاقَيْتُ يَشْكُو دَهْرَهُ ... لَيْتَ شِعْرِي هَذِهِ الدُّنْيَا لِمَنْ
آخر: ... أَلَحَّ عَلَيَّ السُّقْمُ حَتَّى أَلِفْتُهُ ... وَمَلَّ طَبِيبِي جَانِبِي وَالْعَوَائِدُ
آخر: ... تَعَوَّدْتُ مَسَّ الشَّرَّ حَتَّى أَلِفْتُهُ ... وَأَسْلَمَنِي طُولُ البَلاءِ إِلَى الصَّبْرِ
وَوَسَّعَ صَدْرِي لَلأَذَى كَثْرَةُ الأَذَى ... وَكَانَ قَدِيمًا قَدْ يضيق به صَدْرِي
إِذَا أَنَا لِمْ أَقْبَلْ مِنَ الدَّهْرِ كُلَّمَا ... تَكَرَّهْتُهُ قَدْ طَالَ عُتْبِي عَلَى الدَّهْرِ
آخر: ... رُوِّعْتُ بَالْبَيْنِ حَتَّى مَا أَرَاعَ لَهُ ... وَبِالْمَصَائِبِ فِي أَهْلِي وَجِيرَانِ
آخر: ... تَعَزَّ بِحِسْنِ الصَّبْرِ عَنْ كُلِّ هَالِكِ ... فَفِي الصَّبْرِ مَسْلاةُ الْهُمُوم اللوَازِمِ
إِذَا أَنْتَ لَمْ تَصْبِرْ عَزَاءً وَحِسْبَةً ... سَلَوْتَ كَمَا تَسْلُو قُلُوبُ الْبَهَائِمِ
آخر: ... ولما رَأَيْتُ الوَقْتَ يُؤْذِنُ صَرْفُهُ ... بِتَفْرِيقِ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ الْحَبَائِبِ
رَجَعْتُ إِلَى نَفْسِي فَوَطَّنْتُهَا عَلَى ... رُكُوبِ جَمِيل الصَّبْرِ عَنْدَ النَّوَائِبِ
وَمَنْ صَحِبَ الدُّنْيَا عَلَى سُوءِ فِعْلِهَا ... فَأَيَّامُهُ مَحْفُوفَةٌ بِالْمَصَائِبِ