وَلَمْ تَرَ لانْكِشَافِ الضُّرِّ وَجْهًا ... وَلا أَغْنَى بِحِيلَتِهِ الأَرِيبُ
أَتَاكَ عَلَى قُنُوطٍ مِنْكَ غَوْثٍ ... يَمُنُّ بِهِ اللطِيفُ الْمُسْتَجِيبُ
وَكُلُّ الْحَادِثَاتِ إِذَا تَنَاهَتْ ... فَمَوْصُولٌ بِهَا فَرَجٌ قَرِيبُ
آخر: ... إِنَّ الأُمُورَ إِذَا مَا اللهُ يَسَّرَهَا ... أَتَتْكَ مِنْ حَيْثُ لا تَرْجُو وَتَحْتَسِب
وَكُلُّ مَا لَمْ يُقَدِّرَهُ الإِلَهُ فَمَا ... يُفِيدُ حِرْصُ الْفَتَى فِيهِ وَلا النَّصَبُ
ثِقْ بِالإِلَهِ وَلا تَرْكَنُ إِلَى أَحَدٍ ... فَاللهُ أَكْرَمُ مَنْ يُرْجَ وَيُرْتَقَبُ
آخر: ... وَكَمْ للهِ مِنْ لُطْفٍ خَفِيٍّ ... يَدِقُّ خَفَاهُ عَنْ فَهْمِ الذَّكِيِّ
وَكَمْ يُسْرٍ أَتَى مِنْ بَعْدِ عُسْرٍ ... وَفَرَّجَ لَوْعَةَ الْقَلْبِ الشَّجِيِّ
وَكَمْ هَمٍّ تُسَاءُ بِهِ صَبَاحًا ... فَتَعْقُبُهُ الْمَسَرَّةُ بِالْعَشِي
إِذَا ضَاقَتْ بِكَ الأَسْبَابُ يَوْمًا ... فَثِقْ بِالْوَاحِدِ الأَحَدِ الْعَلِيِّ
وَاللهُ أَعْلَمُ. وصلى الله على مُحَمَّد وآله وسلم.
" فَصْلٌ "
ومنها أن يتسلَّى بذوِي الغير، ويتسلَّى بأولى العبر، ويعلم أنهم الأكثرون عددًا والأسرعون مددًا، فيستجد من سلوة الأسى وحسن العزاء إِلَى ما يخفف حزنه ويقلل هلعه. وقَالَ عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: الصقوا بذوي الغير تتسع قلوبكم. أي الَّذِينَ تنتقل أحوالهم إذ يتسلى مرقع الخف بالَّذِي مخرق خفه، ويتسلى مخرق الخف بالحاسر الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء، وتسلى الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء بالأعرج، والأعرج بالأقطع، وهكَذَا كُلّ يتسلى بمن هُوَ أعظم منه فِي المصيبة.
والدُّنْيَا إِذَا تأملها اللبيب وجدها كُلّهَا متاعب وبلايا ومصائب، وقَدْ أحاطت بِالنَّاسِ من رؤوسهم إِلَى أقدامهم، فتَرَى مصابًا بالعلل والأسقام كُلَّما برئ من علة أصابته علة أخرى، كُلَّما شفاه الله من مرض جاءه مرض