حمية لَهُ من هَذِهِ الأدوية، وتَكُون حفظًا لصحة عبوديته، فسبحان من يرحم ببلائه ويبتلى بنعائمه كما قِيْل:
شِعْرًا: ... (قَدْ يَنْعِمُ اللهُ بِالبَلْوَى وَإِنْ عَظُمَتْ ... وَيَبْتَلِي اللهُ بَعْضَ الْقَوْمِ بِالنِّعَمِ)
آخر: ... أَرَى بَصَرِي قَدْ رَابَنِي بَعْدَ حِدَّةٍ ... وَحَسْيُكَ دَاءً أَنْ تَصِحَّ وَتَسْلَمَا
وَلَنْ يَلْبَثِ الْعَصْرَ إِنْ يَوْمًا وَلَيْلَةً ... إِذَا طَلَبَا أَنْ يُدْرِكَا مَا تَيَمَّمَا
آخر: ... يَا سَائِلِي عَنْ حَالَتِي ... خُذْ شَرْحَهَا مُلَخَّصَا
قَدْ صِرْتُ بَعْدَ قُوَّةٍ ... تَقُصُّ أَصْلادَ الْحَصَا
أَمْشِي عَلَى ثَلاثَةٍ ... أَجْوَدُ مَا فِيهَا الْعَصَا
آخر: ... قَدْ أَمْشِي عَلَى ثِنْتَيْنِ مُعْتَدِلاً ... فَصِرْتُ أَمْشِي عَلَى أُخْْرَى مِنَ الشَّجَرِ
آخر: ... إِذَا اشْتَدَّتِ الْبَلْوَى تُخَفَّفُ بِالرِّضَا ... عَنْ اللهِ قَدْ فَازَ الرَّضِيُّ الْمُرَاقِبُ
وَكَمْ نِعْمَةٍ مَقْرُونَةٍ بِبَلِيَّةٍ ... عَلَى النَّاسِ تَخْفَى وَالْبَلايَا مَوَاهِبُ
فلولا أَنه سُبْحَانَهُ يداوي عباده بأدوية المحن والابتلاء لطغوا وبغوا وعتوا وتجبروا فدى الأَرْض. قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ} ، فَإِنَّ من شيم النُّفُوس إِذَا حصل لها صحة وفراغ وأمر ونهي وكلمة نافذة من غير زاجر شرعي يزجرها تمردت وظلمت وسعت فِي الأَرْض فسادًا كما قِيْل:
(وَالظُّلْمُ مِنْ شِيَمِ النُّفُوسِ فَإِنْ تَجِدْ ... ذَا عِفَّةٍ فَلِعِلَّةٍ لا يَظْلِمُ)
ومِمَّا يسلي ويسهل المصائب ويكون سببًا للصبر على المصيبة أن يعلم الإِنْسَان أن الجزع لا يرد المصيبة، بل يضاعفها، فتزيد المصيبة وأن الجزع يشمت الْعَدُوّ ويسؤ الصديق، وينهك الجسم، ويسر شيطانه ويضعف النفس، وقَدْ يحبط الْعَمَل، وَإِذَا صبر واحتسب أخزى الشيطان وأرضى الرب، وسر الصديق، وساء الْعَدُوّ، وَهَذَا من الثبات فِي الأَمْر الديني. وَمِمَّا يسلي ويسهل المصائب أن يوطن الإِنْسَان نَفْسهُ أن كُلّ مصيبة تأتيه