للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي من عَنْدَ الله وأنها بقضائه وقدره وأنه سُبْحَانَهُ لم يقدرها عَلَيْهِ ليهلكه بها ولا ليعذبه وإنما ابتلاه ليمتحن صبره ورضاه وشكواه إليه وابتهاله ودعاءه.

شِعْرًا: ... وَكُلُّ مُصِيبَات أَتَتْنِي فَإِنَّهَا ... سِوَى غَضَبِ الرَّحْمَنِ هَيِّنَةُ الْخَطْبِ

فإِن وفق للرضا وَالشُّكْر فقَدْ أفلح، وإن تسخط ولم يرض فقَدْ خاب وخسر. قَالَ أبو الفرج بن الجوزي: علاج المصائب بسبعة أشياء. الأول: أن يعلم بأن الدُّنْيَا دار ابَتلاء وكرب لا يرجى منه راحة فِي الدُّنْيَا مهما طال العمر ومهما اجتمَعَ للإنسان فيها من أسباب الغنى والثروة وسواء فِي ذَلِكَ الصعاليك والمماليك والملوك فلَقَدْ أودع الله فِي كُلّ نفس ما شغلها.

ولو أن الإِنْسَان عرف قدر الدُّنْيَا وما طبعت عَلَيْهِ من الكدر والانكاد والمصائب والأحزان وعرف أن ما فيها محض خداع وسراب، بقيعة يحسبه الظمآن ماء حَتَّى إِذَا جاءه لم يجده شيئًا واستعان بما وهبه الله من نور الدين وقصر أمله لما آثرت فيه المصائب بإذن الله لأن قوة الإِيمَان بِاللهِ وقضائه وقدره يثمران الهدى وَالطُّمَأْنِينَة والرضي بما قسم وقدر.

الثاني: أن يعلم أن المصيبة ثابتة.

الثالث: أن يقدر وجود ما هُوَ أكثر من تلك المصيبة.

الرابع: النظر فِي حال من ابتلي بمثل هَذَا البَلاء فَإِنَّ التأسي راحة عظيمة يخفف الحزن أَوْ يزيله بالكلية.

قَالَتْ الخنساء:

وَلَوْلا كَثْرَةُ الْبَاكِينَ حَوْلِي ... عَلَى إِخْوَانِهِمْ لَقَتَلْتُ نَفْسِي

وَمَا يَبْكُونَ مِثْلَ أَخِي وَلَكِنْ ... أَعَزِي النَّفْسَ عَنْهُ بِالتَّأسِي

آخر: ... حَاسِبْ زَمَانَكَ فِي حَالِي تَصَرُّفِهِ ... تَجِدْهُ أَعْطَاكَ أَضْعَافَ الَّذِي سَلَبَا

نَفْسِي الَّتِي تَمْلِكُ الأَشْيَاءِ ذَاهِبَةً ... فَكَيْفَ أَبْكِي عَلَى شَيْء إِذَا ذَهَبَا

<<  <  ج: ص:  >  >>