للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهم اختم لنا بخاتمة السعادة واجعلنا ممن كتبت لهم الحسنى وزيادة واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله عَلَى محمد وآله وصحبه أجمعين.

(فَصْلٌ)

في المروءة

المروءة بمعنى الإنسانية لأنها مأخوذة من المرء وهي تعاطي مَا يستحسن وتجنب مَا يسترذل قال بعضهم: حد المروءة رعي مساعي البر، ورفع دواعي الضر والطهارة من جميع الأدناس، والتخلص من عوارض الالتباس، حتى لا يتعلق بحاملها لوم، ولا يلحق به ذم.

وقيل: هي آداب نفسية تحمل مراعاتها الإنسان عَلَى الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل العادات. وقيل: هي قوة للنفس مبدأ لصدور الأفعال الجميلة عنها المستتبعة للمدح شرعًا وعقلاً وفرعًا وكلها قريبة المعنى. وقيل: هي الصدق والشرق والاستقامة والشجاعة والحمية.

وقال بعضهم: المروءة كلمة لفظها كمعناها حلو جميل إن قرعت السمع فعظمة وجلال وإن نفذت عَلَى القلب فنبل وسمو وشعور بالكرامة والكمال ولست أعدل عن الحق إن قلت إن المروءة هي جماع الفضائل ورأس المكارم وعنوان الشرف بها يسمو المرء ويرتفع ذكره وبفقدها يفقد كل كرامة وفضل.

فهي ميزان الرجال وأصل الجمال وحد المروءة تجمل النفس بما يزينها وتحصينها مما يشينها بحيث تكون للمحامد أهلاً وعن المذام# بمنأى ولا يكون إلا لمن راض نفسه عَلَى التخلف بالخلق الحسن من الصفات والتجمل بجميل العادات حتى يصبح التطبع جبلة والتعود غريزة وليس يستطيع ذلك إلا من جاهد نفسه ونازع هواه رغبة فِي حسن الأحدوثة والذكرى الجميلة. كما قيل:

لَقَدْ أَسْمَعُ الْقَوْلَ الذِّي كَادَ كُلَّمَا ... تُذَكِّرُنِيْهِ النَّفْسُ قَلْبِيْ يُصَدَّعُ

فَأُبْدِي لِمَنْ أَبْدَاهُ مِنِّي بَشَاشَةٍ ... كَأَنِّي مَسْرُورٌ بِمَا مِنْه أَسْمَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>