من الأعراض الناشئة عنه، في بدء استعماله قبل الأعتماد عليه، لما يحويه من المادة السامة التي هي النيكوتين، ويجد فساد الذوق وعسر الهضم، وقلة القابلية للطعام وهذه الأشياء كلها تحدث من تخلل الدخان في اللعاب، فيسبب اضطرابًا معديًّا، وكثيرًا ما يحدث المرض المعروف بالبيروسس، وهو الحرقة المعدية، وهذا كله في استعماله على سبيل القلة والإعتدال، وأما الإكثار منه فهو مفض إلى عطب ليس له زوال، ومن المعلوم الثابت شرعًا أن كل ما أضر بالصحة يحرم تعاطيه قطعًا، ولذلك حرم الأكل فوق الشبع، وأكل الطين، لما فيهما من الأضرار بالصحة، قال عليه الصلاة والسلام:«من أكل الطين فكأنما أعان على قتل نفسه» . وفي رواية:«فإنما أعان على قتل نفسه» . وليس التدخين أقل ضررًا من أكل الطين، بل هو أشد ضررًا منه بكثير، قال: وقد سألت عدة من الأطباء الموثوقين بهم عن تفاوتهما في الضرر؟ فأجابوا: بأنه لا نسبة بينهما في الضرر تفاوتًا كليًا، حيث أن الجزء الفعال، الذي ينشأ عن التدخين وهو النيكوتين، لا يعادله شيء في الأضرار، كما هو ظاهر لدى الامتحان، فيكون نهي الشارع صلى الله عليه وسلم عن أكل الطين، لما فيه من الضرر، شاملاً لفعل التدخين بالأولوية حيث كان الضرر فيه أشد وأعظم، كما علمته، قال: وقد ذكر جمع من أكابر العلماء وجهابذة الأطباء: أن من العقل - فضلاً عن الشرع - وجوب اجتناب التدخين، حفظًا للصحة التي هي من الله تعالى منة ومنحة، ودفعا لدواعي الضعف الذي هو من مقدمات الهلاك والدمار، كما هو معلوم لذوي الأستبصار كيف وقد قال الله تعالى:{وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} على أنه لا يقتصر ضرر التدخين على المدخن وحده، بل يعم حلساءه في المكان، لأنه يفسد الهواء، فيتعين الفرار حينئذ من الجلوس في أماكن التدخين، ولاسيما إذا كانت مغلقة