ثُمَّ اعْلَمْ أن الباعث على النميمة إما إرادة السُّوء بالمحكي عَنْهُ، أو إظهار الحب للمحكي له أو التفرج بالْحَدِيث أو الخوض في الفضول ونحو ذَلِكَ ومن آفات الكلام كلام ذي اللسانين الَّذِي يتكلم لكل من المتعاديين بكلام يوافقه فيظهر له إذا قابله أنه صديقه الحميم الحريص على مصلحته الساعي في منفعته ويظهر له أنه عدوٌّ لعدوه وأنه حرب عَلَيْهِ مثله فيغتر بقوله وينخدع بوشيه فيفضي إليه بخبيئه ويبوح له بأسراره أو اتقى به شره وكيده، ومكره وخداعه فإذا فاقره ذهب إلى عدوه وأعلمه بخبئ أمره وبمكتوم سره وطعن في عرضه ونال من شرفه وأظهر له أنه عدو له وأنه له الصديق الوفي فتطمئن نَفْسهُ إليه وينطلق في ذم الآخِر والنيل من عرضه ثُمَّ يحدث هَذَا بما فكر فيه وقدر وبيت ودبر فيذهب به إلى الأول ويقصه عَلَيْهِ قصًا يوغر صدره ويشعل في قَلْبهُ نار العداوة فيزداد العداوة، وتربو البغضاء والشحناء وهكَذَا بين الاثنين والحزبين فمثل هَذَا منافق كذاب نمام خداع غشاش مكار ظَالِم.