اللَّهُمَّ مَكِّنْ حُبَّكَ فِي قُلُوبِنَا وَأَلْهِمْنَا ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَوَفِّقْنَا لامْتِثَالِ طَاعَتِكَ وَأَمْرِكَ وَاْغِفرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
نُبْذَةٌ مِنْ حَيَاةِ جَعْفَرَ بنِ أَبِي طَالِبٍ
جَعْفَرُ بنُ أَبِي طَالِبٍ هُوَ أَخُو عَلِيِّ بن أَبِي طَالِبٍ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ سُمُوِّ شَرَفِهِ فِي قُرَيْشٍ وَعُلوَ مَنْزِلَتِهِ فِي قَوْمِهِ رَقِيقُ الْحَالِ كَثِيرُ الْعِيَالِ وَقَدْ ازْدَادَتْ حَالُهُ سُوءاً بِسَبَبِ تِلْكَ السَّنَةِ الْمُجْدِبَةِ الَّتِي نَزَلَتِ بِقُرَيْش فَأَهْلَكَتْ الزَّرْعَ وَأَيْبَسَتْ الضَّرْعَ وَأَكَلَ بَعْضُ النَّاسِ الْعِظَامَ الْبَالِيَةَ.
وَلَمْ يَكُنْ فِي بَنِي هَاشِمٍ يَوْمَئِذٍ أَيْسَرُ مِنْ مُحَمَّدِ بن عَبْدِ اللهِ وَمِنْ عَمِّهِ الْعَبَّاسِ فَقَالَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمِّهِ الْعَبَّاسِ: ((يَا عَمُّ إِنَّ أَخَاكَ أَبَا طَالِب كَثِيرُ الْعِيَالِ وَقَدْ أَصَابَ النَّاسَ مَا تَرَى مِنْ شِدَّةِ الْقَحْطِ وَمَضَضِ الْجُوعِ فَانْطَلَقْ بِنَا إِلَيْهِ حَتَّى نَحْمِلَ عَنْهُ بَعْضَ عِيَالِهِ فآخُذُ أَنَا فَتَىً مِنْ بَنِيهِ وَتَأْخُذُ أَنْتَ فَتَىً آخرَ فَنَكْفِيهَماَ عَنْهُ)) .
فَقَالَ الْعَبَّاسُ: لَقَدْ دَعَوْتَ إِلى خَيْر وَحَضَضْتَ عَلَى بِرٍّ ثُمَّ انْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا أَبَا طَالِبٍ فَقَالا لَهُ: إِنَّا نُرِيدُ أَنْ نُخَفِّفَ عَنْكَ بَعْضَ مَا تَحْمِلُه مِنْ عِبْءِ عَيَالِكَ حَتَّى يَنْكَشِفَ هَذَا الضُّرُّ الذِي مَسَّ النَّاسِ فَقَالَ لَهُمَا: إِذَا تَرَكْتُمَا عَقِيلا فَاصْنَعَا مَا شِئْتُمَا.
فَأَخَذَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِياً وَضَمَّهُ إِلَيْهِ وَأَخَذَ الْعَبَّاسُ جَعْفراً وَجَعَلَهُ فِي عِيَالِهِ فَلَمْ يَزَلْ عَلَيَّ مَعَ مَحْمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَعَثَهُ اللهُ بِدِينِ الْحَقِّ وَالْهُدَى فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ آمَنِ بِهِ مِنْ الْفِتْيَانِ.
وَبَقِيَ جَعْفَرُ مَعَ عَمِّهِ الْعَبَّاسِ حَتَّى شَبَّ وَأَسْلَمَ وَاسْتَغْنَى عَنْهُ، انْضَمَّ جَعْفَرُ إِلى رَكبِ النُّورِ هُو وَزَوْجَتُهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُنْذُ أَوَّلَ الطَّرِيقِ فَقَدْ أَسْلَمَا عَلى يَدَيْ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَعَنْهُمَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَارَ الأَرْقَم وَلَقِيَ جَعْفَرُ وَزَوْجَتُهُ مِنْ أَذَي قُرَيْشٍ وَنَكَالِهَا مَا لَقِيَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute