للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحسب قوة المعرفة بجلال الله تعالى، وصفاته وبعيوب النفس، وما بين يديها من الأخطار والأهوال.

ومقدمَاتَ الخوف أربع. الأولى: ذكر الذُّنُوب الكثيرة العظيمة التي سلفت فيما مضى وكثرة ذكر الخصوم الَّذِينَ مضوا وأَنْتَ مرتهن لم يتبين لَكَ الخلاص حَتَّى الآن. وَالثَّانِيَة: ذكر شدة العقوبة. والثالثة: ذكر قدرة الله عَلَيْكَ متى شَاءَ وكيف شَاءَ. والرابعة: ذكر ضعفك عَنْ احتمال العقوبة.

شِعْرًا: ... حَقِيق بِالتَّوَاضُعِ مَنْ يَمُوتُ ... وَيَكْفِي الْمَرْءُ مِنْ دُنْيَاهُ قُوتُ

فَمَا لِلْمَرْءِ يُصْبِحَ ذَا هُمُومٍ ... وَحِرْصٍ لَيْسَ يُدْرِكُهُ النُّعُوتُ

فَيَا هَذَا سَتَرْحَلُ عَنْ قَرِيبٍ ... إِلَى قَوْمٍ كَلامُهُمُ السُّكُوتُ

آخر: ... النَّفْسُ تَبْكِي عَلَى الدُّنْيَا وَقَدْ عَلِمَتْ ... أَنَّ السَّلامَةَ مِنْهَا تَرْكُ مَا فِيهَا

لا دَارَ لِلْمَرْءِ بَعْدَ الْمَوْتِ يَسْكُنُهَا ... إِلا الَّتِي كَانَ قَبْلَ الْمَوْتِ بَانِيهَا

فَإِنْ بَنَاهَا بِخَيْرٍ طَابَ مَسْكَنُهُ ... وَإِنْ بَنَاهَا بِشَرٍّ خَابَ بَانِيهَا

آخر: ... وَمَا مَنْ يَخَافُ الْمَوْتَ وَالنَّارَ آمِنُ ... وَلَكِنْ حَزِينُ مُوجَعُ الْقَلْبِ خَائِفُ

إِذَا عَنْ ذِكْرُ الْمَوْتِ أَوْجَعَ قَلْبَهُ ... وَهَيَّجَ أَحْزَانًا ذُنُوبٌ سَوَالِفُ

ثُمَّ اعْلَمْ أن الخوف يحث على العلم، والْعَمَل، قَالَ أبو حفص: الخوف سوط الله، يقوم به الشاردين عَنْ بابه. وقَالَ: الخوف سراج فِي الْقَلْب، به يبصر ما فيه من الْخَيْر والشَّر، وكل أحد إِذَا خفته هربت منه إِلا الله عز وجل فإنك إِذَا خفته هربت إليه فالخائف هارب من ربه إِلَى ربه.

وقَالَ أبو سُلَيْمَانٌ: ما فارق الخوف قلبًا إلا خرب. وقَالَ إبراهيم بن سفيان: إِذَا سكن الخوف الْقُلُوب أحرق مواضع الشهوات مِنْهَا وطرد الدُّنْيَا عَنْهَا. قَالَ فِي مختصر مناهج القاصدين: والخوف لَهُ إفراط وله اعتدال، وله قصور والمحمود من ذَلِكَ الاعتدال.

<<  <  ج: ص:  >  >>