[فصل] اعْلم أن الْقَلْب بأصل فطرته قابل للهدي، وبما وضع فِيه من الشهوة والهَوَى، مائل عن ذَلِكَ، والتطارد فِيه بين جند الملائكة والشياطين دائم، إلي أن ينفتح الْقَلْب لأحدهما فيتمكن ويستوطن، ويكون اختيار الثاني اختلاساً، كما قال تعالى {مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} وَهُوَ الَّذِي إِذَا ذكر الله خنس وإِذَا وقعت الغَفْلَة انبسط، ولا يطرد جند الشياطين من الْقَلْب إلا ذكر الله تعالى، فإنه لا قرار لَهُ مَعَ الذكر. واعْلم أن مثل الْقَلْب كمثل حصن، والشيطان عدو يريد أن يدخل الحصن ويملكه ويستولي عَلَيْهِ، ولا يمكن حفظ الحصن إلا بحراسة أبوابه، ولا يقدر عَلَى حراسة أبوابه من لا يعرفها ولا يتوصل إلي دفع الشيطان إلا بمعرفة مداخله، ومداخل الشيطان وأبوابه. . صفات الْعَبْد، وهي كثيرةإلا أَنَا نشير إلي الأبواب العظيمة الجارية مجري الدروب التي لا تضيق عن كثرة جنود الشيطان.
فمن أبوابه العظيمة: الحسد، والحرص. فمتي كَانَ الْعَبْد حريصاً عَلَى شَيْء، أعماه حرصه، وأصمه، وغطي نور بصيرته التي يعرف بِهَا مداخل الشيطان. وكَذَلِكَ إِذَا كَانَ حسوداً فيجد الشيطان حينئذٍ الفرصة،