نَسْألِ اللهُ أَنْ يُوفِقَنَا لِتَدبُّرِ آياتِهِ وفَهْمِ سُنَّةِ نَبِيِّهِ (والْعَمَلِ بِهِمَا وأنْ يَرْزُقَنَا الانْتِفَاعَ بِمُرُورِ الزَّمَنِ عَلَى خَيْرِ وَجْهٍ إِنَّهُ القَادِرُ عَلَى ذَلِكَ، اللَّهُمَّ أَيْقِظْنَا مِنْ هَذِهِ السِّنَةِ وَوَفِقْنَا لاِتِّبَاعِ ذَوِي النُّفُوسِ المُحْسِنَةْ وآتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، اللَّهُمَّ وآتِنَا أَفْضَلَ مَا تُؤْتِي عِبَادَكَ الصَّالِحِيْنَ وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسِلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرحمَ الرَاحِمِينَ وصَلّي اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وعَلَى آلِهِ وصَحبِهِ أجْمَعين.
(فَصْلٌ)
وفِي وَصِيَّةِ الإِمَامِ المُوَفَّقِ ابنِ قُدَامَهَ مَا لَفْظُهُ: فاغْتَنِمْ رَحِمَكَ اللهُ حَيَاتَكَ النَّفِسْيَةَ واحْتَفِظْ بأَوْقَاتِكَ العَزِيْزَةِ واعْلَمْ أنَّ مُدَّةَ حَيَاتِكَ مَحْدُوْدَةٌ وأَنْفَاسَكَ مَعْدُوْدَةٌ فكُلُ نَفَسٍ يَنْقُصُ بِهِ جُزْءُ مِنْكَ والعُمْرُ كُلُّهُ قَصِيْرٌ والبَاقِي مِنْهُ هُوَ اليَسِيْرُ وَكُلُ جُزْءٌ مِنْهُ جَوَهَرَةٌ نَفِسْيَةٌ لاَ عِدْلَ لَهَا والبَاقِي مِنْهُ هُوَ اليَسِيْرُ وَكُلُ جُزْءٌ مِنْهُ جَوَهَرَةٌ نَفِسْيَةٌ لا عِدْلَ لَهَا ولاَ خَلفَ مِنْهَا فإِنَّ بِهَذِهِ الحَيَاةِ اليَسِيْرَةِ خُلُودُ الأَبَدِ فِي النَّعِيْمِ أَوْ الْعَذَابِ الأَلِيْمِ.
وإذا عَادَلْتَ هَذِهِ الحَيَاةَ بِخُلُودِ الأَبَدِ عَلِمْتَ أَنَّ كُلَّ نَفَسٍ يُعَادِلُ أكْثَرَ مِنْ أَلفِ أَلفِ عَامٍ فِي نَعِيْمِ لاَ خَطَرَ لَهُ أَوْ خِلافَ ذَلِكَ ومَا كَانَ هَكَذَا فَلاَ قِيْمَةَ لَهُ فَلاَ تُضَيِّعَ جَوَاهِرَ عُمْرِكَ النَّفِسْيَةَ بِغَيْرِ عَمَل وَلاَ تُذْهِبْهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ واجْتَهِدْ أَنْ لاَ يَخْلُو نَفَسٌ مِنْ أَنْفَاسِكَ إِلاَّ فِي عَمَلِ طَاعَةٍ أَو قُرْبَةٍ تُقَرِّبُ بِهَا فإِنَّكَ لَوْ كَانَ مَعَكَ جَوْهَرَةٌ مِنْ جَوَاهِرِ الدُنْيَا لَسَاءَكَ ذَهَابُهَا فَكَيْفَ تُفَرَّطُ فِي سَاعَاتِكَ وكَيْفَ لاَ تَحْزَنُ عَلَى عُمُرِكَ الذَّاهِبِ بِغَيْرِ عِوَضٍ انتهي.
وعَنْ عُمَرَ بنِ ذَرٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ اعْمَلُوا لأِنْفُسِكُمْ رَحِمَكُم اللهُ فِي هَذَا اللَّيلِ وَسَوَادِهِ، فإِنَّ المَغْبُوْنَ مَنْ غُبِنَ خَيْرَ اللَّيلِ والنَّهَارِ، والمَحْرُوْمُ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهُمَا، إِنَّمَا جُعِلا سَبِيْلاً لِلْمُؤْمِنِينَ إِلى طَاعَةِ رَبّهم، وَوَبَاِلاً عَلَى الآخَرِيْنَ لِلغَفْلَةِ عَنْ أَنْفُسِهِم فأَحْيُوا للهِ أَنْفُسَكُمْ بذِكْرِهِ، فإنَّمَا تَحْيَا القُلُوبُ بِذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
كَمْ مِنْ قَائِمٍ للهِ جَلَّ وَعَلا فِي هَذَا اللَّيلِ قَدْ اغْتَبَطَ بقِيَامِهِ فِي ظُلْمَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute