للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا امتلأ القلب بذلك جاءته حقائق القرآن والعلم الذي به كماله وسعادته فلم تجد فيه فراغًا لها ولا قبولاً وجاوزته إلى محل سواه.

كما إذا بذلت النصيحة لقلب ملآن من ضدها لا منفذ لها فيه فإنه لا يقبلها وتلج فيه لكن تمر مجتازة لا مستوطنة.

وقال بعضهم: الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما، ولقي حكيم حكيمًا فقال له: لا رأك الله عندما نهاك ولا فقدك حيث أمرك. وقال بشر بن الحارث: بي داء ما لم أعالج نفسي لا أتفرغ لغيري فإذا عالجت نفسي تفرغت لغيري.

وقال: أنا أكره الموت ولا يكره إلا مريب وسأله بعضهم موعظة فقال: ما تقول فيمن القبر مسكنه والصراط جوازه والقيامة موقفه والله مسائله فلا يعلم إلى جنة يصير فينهى أو إلى نار فيعزى فوا طول حزناه وأعظم مصيبتاه زاد البكاء فلا عزاء واشتد الخوف فلا أمن.

شِعْرًا: ... تَعَافُ الْقَذَا فِي الْمَاءِ لا تَسْتَطِيعُهُ ... وَتَكْرَعُ فِي حَوْضِ الذُّنُوبِ فَتَشْرَبُ

وَتُؤْثِرُ فِي أَكْلِ الطَّعَامِ أَلَذَّهُ ... وَلا تَذْكُرُ الْمُخْتَارَ مِنْ أَيْنَ تَكْسَبُ

وَتَرْقُدُ يَا مِسْكِينَ فَوْقَ نَمَارِقٍ ... وَفِي حَشْوِهَا نَارٌ عَلَيْكَ تَلَهَّبُ

فَحَتَّى مَتَى لا تَسْتَفِيقُ جَهَالَةٍ ... وَأَنْتَ ابنُ سَبْعِينٍ بِدِينِكَ تَلْعَبُ

ولقد كان بعض الصحابة يؤدي ما عليه من العبادة ولم يكن يكثر من الاستغفار في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم لما لحق الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالرفيق الأعلى أكثر الصحابي من الاستغفار، فسأله الصحابة في ذلك فقال: لقد كنت آمنًا من العذاب في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فلما توفي لم يبق إلا الأمان الثاني وهو الاستغفار.

يقول الله تبارك وتعالى: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} .

وقال عامر بن عبد الله بن قيس: لو أن الدنيا كانت لي بحذافيرها ثم أمرني

<<  <  ج: ص:  >  >>