المصائب والشدائد البدنية والمالية أسباب إِذَا قارنت حزمًا وصادقت عزمًا هان وقعها، وقل تأثيرها على الدين والْقَلْب والبدن، بأذن الله تَعَالَى.
فأَوَّلاً الآيات وَالأَحَادِيث المتقدمة التي فيها مدح الصابرين وبشارتهم ووعدهم بالجزاء الحسن ومن ذَلِكَ أن يعلم أن مرارة الدُّنْيَا هِيَ بعينها حلاوة فِي الآخِرَة وحلاوة الدُّنْيَا هِيَ بعينها مرارة الآخِرَة، ولأن ينتقل من مرارة منقطعة إِلَى حلاوة دائِمَّة خَيْر من عكس ذَلِكَ.
وقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «حفت الْجَنَّة بالمكاره وحفت النار بالشهوات "، وكَذَلِكَ قوله فِي الصحيح: «يؤتى يوم القيامة بأنعم أَهْل الدُّنْيَا من أَهْل النار فيصبغ فِي النار صبغة، ثُمَّ يقَالَ: يَا ابن آدم هل رَأَيْت خيرًا قط هل مر بك نعيم قط؟ فَيَقُولُ: لا وَاللهِ يَا رب، ويؤتى بأشد النَّاس بؤسًا فِي الدُّنْيَا من أَهْل الْجَنَّة فيصبغ فِي الْجَنَّة صبغة فيقَالَ لَهُ: يَا ابن آدم هل رَأَيْت بؤسًا قط هل مر بك شدة قط؟ فَيَقُولُ: لا وَاللهِ يَا رب " الْحَدِيث.
ومن ذَلِكَ استشعار النفس بما تعلمه من نزول الْفَنَاء وتقضي المسار، وأن لها آجالاً منصرمةٌ ومددًا منقضيةً، إذ لَيْسَ للدنيا حالٌ تدوم ولا لمخلوق عَلَيْهَا بقاء كما قَالَ تَعَالَى:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} وقَالَ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} .
وروى ابن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«ما مثلي ومثل الدُّنْيَا إلا كمثل راكب مال إِلَى ظِلّ شجرة فِي يوم صائف ثُمَّ راح وتركها» .
ومنها أن يتصور انحلال الشدائد وانكشاف الهموم وأن الله قدرها فأوقات لا تنصرم قبلها ولا تستديم بعدها فلا تقصر تلك الأوقات بجزع