مؤمن، فإنه إذا التفت إلى وجوه من حوله من الرجال وجد الأكثر منهم مغيرًا لما جمله الله به، وجعله - لو أبقاه - داعيًا إلى وقاره واحترامه وهيبته، ويندر جدًا أن ترى وجه المتأدب بآداب الشريعة، الذي لا يتعرض للحيته بحلق ولا قص ولا نتف، ولا تسويد الشعر الأبيض، عليه ما زينه الله به من سيما الرجولة والوقار حيث أبقاها، إذ هو بحلقها يزيل جماله الشاهد في بقائها وينفق ماله في حلقها وسيسأل عنه يوم القيامة ويهدم رجولته، ويعدم هيبته ووقاره، ويرضى لنفسه أن يعيش طول حياته متشبهًا بأعداء الإسلام الإفرنج، فإن حلقها علامتهم جميعًا في هذا الزمان كما نشاهد وأما إعفاء اللحية فعلامة المرسلين وأتباعهم وأحبائهم السائرين علي منهاجهم عباد الله الصالحين. نسأل الله أن يوفقنا لسلوك منهاجهم إنه القادر على ذلك.
قال ابن القيم: ثم تأمل لم صارت المرأة والرجل إذا أدركا اشتركا في نبات العانة ثم ينفرد الرجل عن المرأة باللحية، فإن الله عز وجل لما جعل الرجل قَيِّمًا على المرأة، وجعلها كالخول والعاني في يديه، ميزة عليها بما فيه له المهابة والعز والوقار والجلالة، لكماله وحاجته إلى ذلك، ومنعتها المرأة، لكمال الاستمتاع بها والتلذذ، لتبقى نضارة وجهها وحسنه لا يَشِينُهُ الشعر. انتهى.
والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
فصل: وقال في الدر المختار وأما الأخذ منها وهي دون القبضة كما يفعله بعض المغاربة ومخنثة الرجال فلم يبحه أحد اهـ ورد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وابن أبي ليلى قاضي المدينة شهادة من كان ينتف لحيته والحلق أعظم بكثير، لأنه لا يبقي شيئًا منها