للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين منها، ويقابلها دار أخرى دار قرار ونعيم، وسرور وحبور، وأمن وصحة، وحياة أبدية فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين مِمَّا لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، دار جعلها الكريم الرحيم الغافر الجواد الماجد، دار ضيافة يكرم فيها عباده الأخيار الَّذِينَ وفقهم الله لخدمته والْعَمَل بطاعته، ولا تظنن هذه الضيافة فيها محدودة، ولا أن الكرامة فيها تنتهي، بل الكرامة كُلّ ما تحبه وتتمناه أمامك، إن كنت ممن سبقت له من الله الحسنى.

فاستثر الخوف من قلبك، بطول فكرك في أصحاب جهنم، وفي أحوالهم وتقلباتهم، وحسرتهم، وندامتهم على تفريطهم، واذكر طعامهم وشرابهم، وألوان عذابهم وخلودهم، واستثر الرجَاءَ، بطول فكرك فيما أعده الله لأولياءه وأصفيائه في دار كرامته من النَّعِيم الْمُقِيم والعيش السَّلِيم الموعود لأَهْل الْجَنَّة، جعلنا الله وَإِيَّاكَ وَجَمِيع المسلمين ممن يحلها، وسق نفسك بسوط الخوف، وقدها بزمام الرجَاءَ إلى الصراط المستقيم لتنال الملك العَظِيم، وتسلم من الْعَذَاب الأليمِ، وتفكر في قدوم أَهْل الْجَنَّة، وما يلاقون من الحفاوة والتكريم، وما يُقَالُ لَهُمْ عَنْدَ قدومهم.

قال تَعَالَى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} إلى قوله: {وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} بعد أن ذكر جَلَّ وَعَلا أحوال الأشقياء، وما يلاقونه يوم القيامة من الأهوال والكروب والشدائد، أردف ذَلِكَ بذكر أحوال السعداء، وما

<<  <  ج: ص:  >  >>