وارفع منازلنا فِي فسيح الجنات وارزقنا النظر إلي وجهك الكريم يا حكيم يا عليم يا حي يا قيوم وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِيْنَ بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى الله عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. .
(فَصْلٌ)
تكلم أحد العلماء فِي بيان مداخل الشيطان إلي القلوب
فَقَالَ رَحِمَهُ اللهُ اعْلم أن الْقَلْب مثاله مثال حصن رفيع والشيطان عدو يريد أن يدخل الحصن ويملكه ويستولي عليه.
ولا يقدر عَلَى حفظ الحصن إلا بحراسة أبواب الحصن ومداخله ومواقع ثلمه، ولا يقدر عَلَى حراسة أبوابه من لا يعرف أبوابه.
وحماية الْقَلْب عن فساد الشيطان فرض عين واجب عَلَى كُلّ عبد مكلف، وما لا يتوصل إلي الواجب إلا به فهو واجب.
ولا يتوصل إلي دفع الشيطان إلا بمعرفة مداخله، فصَارَت معرفة مداخل الشيطان واجبة.
ومداخل الشيطان وأبوابه صفات الْعَبْد نحو الشهوة والْغَضَب والحدة والطمَعَ وغيرها وهي كثيرة، ولكنا نشير إلي معظم وسائله فِي إغواء الخلق وتسلطه عَلَيْهمْ بِهَا إن شَاءَ الله.
وجملتها وسائل عشرة نذكرها ونذكر كيفية علاجها والتخلص منها، فهذان تقريران.
التقرير الأول: فِي ذكرنا الوسيلة الأولي الحسد والحرص، فمن حصل عَلَى هاتين الخصلتين عمي وصم، وهما من أعظم مداخل الشيطان وأكبر وسائله.
وقَدْ روي أن نوحاً عَلَيْهِ السَّلام لما ركب البحر وحل فِي السَّفِينَة من كُلّ زوجين اثنين كما أمر فرأي فِي السَّفِينَة شيخاً لم يعرفه.