فَقَالَ لَهُ نوح: من أدخلك؟ قال: دخلت لأصيب قُلُوب أصحابك فتَكُون قُلُوبهمْ معي وأبدأنهُمْ معك.
فَقَالَ نوح: أخرج يا عدو الله فإنك رجيم، فَقَالَ إبلَيْسُ: خمس أهلك بهن النَّاس وسأحدثك مِنْهُمْ بثلاث، ولا أحدثك باثنين.
فأوحي إلي نوح إنه لا حَاجَة لك إلي الثلاث، مره يحدثك بالاثنين.
فَقَالَ: ما الاثنتان؟ فَقَالَ: هما اللتان لا تكذباني، هما اللتان لا تخلفاني بهما أهلك النَّاس الحرص والحسد.
فبالحسد لعنت وجعلت شيطانَاً رجيماً، والحرص أصبت حاجتي من آدم، أبيح لآدم الْجَنَّة كُلّهَا إلا الشجرة التي عرف بِهَا فوسوست لَهُ حتي أكلها.
الوسيلة الثَّانِيَة: الشهوة والْغَضَب فإنهما من أعظم المكايد للشيطان، فمهما غضب الإنسان لعب لَهُ الشيطان، وعن بعض الأنبياء أنه قال لإبلَيْسَ: بأي شَيْء تغلب ابن آدم؟ قال: آخذه عِنْدَ الْغَضَب وعِنْدَ الهوي.
وظهر إبلَيْسُ لراهب، فَقَالَ: أي أَخْلاق بني آدم أعون لك عليهم؟ فَقَالَ: الحدة، إن الْعَبْد إِذَا كَانَ حديداً قلبناه كما تقلب الصبيان الكرة.
وقيل لإبلَيْسَ: كيف تقلب ابن آدم؟ فَقَالَ: إِذَا رضي جئت حتي أكون فِي قَلْبهِ، وإِذَا غضب جئت حتي أكون عَلَى رأسه.
الوسيلة الثالثة: حب الشهوات والزينة فِي الدُّنْيَا فِي الثياب والأثاث والدور والمراكب، فإن الشيطان إِذَا رأي ذَلِكَ غالباً عَلَى قلب إنسان باض فِيه وفرخ.
فلا يزال يدعوه إلي عمارة الدُّنْيَا وتزيين سقوفها وحيطانها وتوسيع الأبنية، ويدعوه إلي التزين بالأثواب النفيسة ويستسخره طول عمره.