تَمْلَؤُا أَعْيُنَكُمْ مِنْ أَعْوَانِ الظَّلَمَةِ إِلا بالإِنْكَارِ مِنْ قُلُوبِكُمْ لِئَلا تَحْبُطَ أَعْمَالُكُمْ.
وَقَالَ مَكْحُولُ الدِّمَشْقِي: يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ الظَّلَمَةُ وَأَعْوَانُ الظَّلَمَةِ فَمَا يَبْقَى أَحَدٌ مَدَّ لَهُمْ حِبْرًا أَوْ حَبَّرَ لَهُمْ دَوَاةً أَوْ بَرَى لَهُمْ قَلَمًا فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلا حَضَرَ مَعَهُمْ فَيُجْمَعُونَ فِي تَابُوتٍ مِنْ نَارٍ فَيُلْقَوْنَ فِي النَّارِ.
وَجَاءَ رَجُلٌ خَيَّاطٌ إلى سُفْيَانِ الثَّوْرِي فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ أخِيطُ ثِيَابَ السُّلْطَانِ هَلْ أَنَا مِنْ أَعْوَانِ الظَّلَمَةِ؟ فَقَالَ سُفْيَانُ: أَنْتَ مِنَ الظَّلَمَةِ أَنْفُسِهِمْ وَلَكِنْ أَعْوَانِ الظَّلَمَةِ مَنْ يَبِيعُ مِنْكَ الإِبْرَةَ وَالْخُيُوط.
وَاللهُ أَعْلَمُ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(فَصْلٌ)
في التَّواضع
التَّوَاضُعِ يُقَابِلُ الْكِبْرَ وَهُوَ انْكِسَارُ الْقَلْبِ للهِ وَخَفْضُ جَنَاحِ الذُّلِّ وَالرَّحْمَةِ لِلْخَلْقِ وَقِيلَ: هُوَ رِضَا الإِنْسَانِ بِمَنْزِلَةٍ دُونَ مَا يَسْتَحِقُّهُ فَضْلُهُ وَمَنْزِلَتُهُ وَفَضِيلَتُهُ لا تَكَادُ تَظْهَرُ فِي أَكْثَرِ النَّاسِ وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ ذَلِكَ فِي أَجِلاءِ النَّاسِ وَعُلَمَائِهِم الْعَامِلِينَ بِعِلْمِهِمْ وَهَذَا كَانَ فِي عُلَمَاءِ السَّلَفِ كَثِيرٌ أَمَّا الْيَوْمَ فَهُوَ نَادِرٌ وَهُوَ مِنْ بَابِ التَّفَضُّلِ لأَنَّ الْمُتَوَاضِعَ يَتْرُكُ بَعْضَ حَقِّهِ وَالتَّوَاضُعُ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَ الْكِبْرِ وَالضَّعَةِ وَالْكِبْرُ تَقَدَّمَ تَعْرِيفُهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ.
وَالضَّعَةُ وَضْعُ الإِنْسَان نَفْسَهُ فِي مَنْزِلَةٍ تُزْرِي بِهِ مِنْ الدَّنَاءَةِ وَالْخِسَّةِ وَابْتِذَالِ النَّفْسِ فِي سَبِيلِ شَهَوَاتِهَا الْفَاسِدَةِ فَتَجِدُ الْوَضِيعَ يَقِفُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute