وَقَالَ:{وَعَاداً وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً} . هذا خبر أصدق القائلين وهذا قول حق وقد جعل الله بكل ما شوهد في أيامه وعوين في زمانه ممن رفعوا ثم وضعوا وعلوا ثم صرعوا ودارت عليهم الدوائر ونابتهم النوائب ما في بعضه مقنع لمعتبر وبلاغ لمدكر.
قَالُوا وأشرف أبو الدرداء صاحب رَسُولِ اللهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أهل حمص فَقَالَ يا أهل حمص أتبنون ما لا تسكنون وتأملون ما لا تدركون وتجمعون ما لا تأكلون.
إن من كان قبلكم بنوا شديدا وأملوا بعيدا وجمعوا كثيرا فأصبحت اليوم مساكنهم قبورا وأملهم غزورا وجمعهم بورا.
وقد قَالَ أحد فصحاء الملوك في خطبته: ألم تروا مصارع من كان قبلكم كيف استدرجتهم الدنيا بزخارفها ونفتهم ثم تركتهم وقد تخلت عنهم فهم في حيرة وظلمة مدلهمة تركوا الآهلين والأولاد والعيال والأموال.
مساكنم القبور وقد خلت منهم الدور وتقطعت منهم الأوصال والصدور وصاروا ترابا باليا وكان الله لهم ناهيا قَالَ تعالى {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} .
[موعظة]
عباد الله سرور المؤمنين يعتبرون القناطر ويأمنون العواثر فذلك يوم عيدهم ومادوا في دار الغرور فلا غبطة ولا سرور.
وأي سرور لمن الموت معقود بناصيته والذنوب راسخة في آنيته والنفس تقوده إلى هواها والدنيا تتزين في عينه بمشتهاها.
والشيطان مستبطن فقار ظهره لا يفتر عن الوسوسة في صدره ونفسه وماله بعرضه للحوادث ولا يدرى في كل نفس ما عليه حادث.