للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

رَوَى البُخَارِي مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللهُ عُنْهُ – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّكُمْ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ» ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلاَّ مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ. قَالَ «فَإِنَّ مَالَهُ مَا قَدَّمَ، وَمَالُ وَارِثِهِ مَا أَخَّرَ» .

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقُولُ الْعَبْدُ: مَالِي مَالي، وَإنِّمَا مَالَهُ مِنْ مَالِهِ ثَلاثٌ: مَا أَكَلَ فَأَفْنَى، أَوْ لَبِسَ فَأَبْلَى، أَوْ أَعْطَى فَأَقْنَى، وَمَا سِوَى ذَلِكَ ذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِنَّاسِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

٢- وَأَفْضَلُ الصَّدَقَةِ جُهْدٌ مِنْ مُقلِ:

وَكَانَ السَّلَفُ يُؤْثِرُون َعلَىَ أَنْفُسِهِمْ فَيُقَدِّمُونَ الْمَحَاوِيجَ عَلَى حَاجَةِ أَنْفُسِهِمْ وَيَبْدَؤُونَ بِالنَّاسِ قَبْلَهُمْ فِي حَالِ احْتِيَاجِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} .

وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ جُهْدِ الْمُقِلِّ» . وَهَذَا الْمَقَامُ أَعْلَى مِنْ حَالَ الذِينَ وَصَفَهُمْ اللهُ بِقَوْلِهِ: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً} ، وَقَوْلِهِ: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} فَإِنَّ هَؤُلاءِ تَصَدَّقُوا وَهُمْ يُحِبُّونَ مَا تَصَدَّقُوا بِهِ وَقَدْ لا يَكُونَ لَهُمْ حَاجَةٌ إِلَيْهِ وَلا ضَرُورَةِ وَهؤلاء آثُروا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مَعَ خَصَاصَتْهِمْ وَحَاجَتِهِمْ إلى مَا أَنْفَقوهُ، وَمِنْ هَذَا الْمَقَامِ تَصَدَّقَ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِجَمِيعِ مَالِهِ فَقَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ» ؟ فَقَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمْ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَهَكَذَا الْمَاءُ الذي عُرِضَ عَلَى عِكْرِمَةَ وَأَصْحَابِهِ يَوْمَ اليَرْمُوكِ فَكُلٌّ مِنْهُمْ يَأْمُرُ بِدَفْعِهِ إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>