للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(موعظة)

عباد الله كلنا نعلم أن حياتنا مهما امتدت وصفت للزَوَال، وكَذَلِكَ كُلّ واحد منا يعلم أنه أتى للدنيا للاختيار بما كلفنا به من العبادات والمعاملات، سيصبح الواحد منا عما قريب فِي حفرة وحيدًا لَيْسَ معه أولاد ولا أموال، وحينئذ تَكُون أيها الأخ كأنك ما رَأَيْت الدُّنْيَا ولا هِيَ رأتك لحظة من اللحظات.

ويا ليتك إِذَا زالت الحياة تزول دون أن يترتب عَلَيْهَا آثار لو كَانَ ذَلِكَ لأحب بعضنا الموت، لأنه يكون بشيرًا بانتهاء الأمراض والمصائب والآلام لكنك تعلم أنه يعقب ذَلِكَ الموت أهوال، وأمور مزعجات، تلاقي جزاء ما كَانَ منك قبل الموت فِي الاختيار.

فإن كنت قَدْ أحسنت، رَأَيْت قبرك روضة نعيم، وإن كنت مسيئًا رأيته نيرانًا محرقات.

عن البراء بن عازب قَالَ: كنا فِي جنازة رجل من الأنصار ومعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانتهينا إِلَى القبر ولم يلحد، ووضعت الجنازة وجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقَالَ: «إن المُؤْمِن إِذَا احتضر أتاه ملك الموت فِي أحسن صورة، وأطيب ريحًا، فجلس عنده لِقَبْضِ رُوحِهِ، وأتاه ملكَانَ بحنوط من الْجَنَّة وكانَا منه على بعيد فاستخَرَجَ ملك الموت روحه من جسده رشحًا.

فإذا صَارَت إِلَى ملك الموت ابتدرها الملكَانَ فأخذاها منه فحنطاها بحنوط من الْجَنَّة وكفناها بكفن من الْجَنَّة ثُمَّ عرجا بها إِلَى الْجَنَّة، فتفتح لَهُ أبواب السماء، وتستبشر الملائكة بها ويقولون: لمن هَذِهِ الروح الطيبة التي فتحت لها أبواب السماء.

ويسمى بأحسن الأسماء التي كَانَ يسمى بها فِي الدُّنْيَا، فيقَالَ هَذِهِ روح

<<  <  ج: ص:  >  >>