للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإعراض عن طاعتك اللهم نزه قلوبنا عن التعلق بمن دونك واجعلنا من قوم تحبهم ويحبونك واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

فصل: اعلم وفقنا الله وإياك وجميع المسلمين لما يحبه ويرضاه أن في الجنائز عبر للبصير، وفيها تنبيه، وتذكير لأهل الغفلة، وأكثرهم لا تزيده مشاهدتها إلا قسوة، لأنهم يظنون أنهم أبدًا إلى جنائزهم ينظرون ولا يحسبون أنهم لا محالة على الجنائز يحملون أو يحسبون ولكنهم على القرب لا يقدرون ولا يتفكرون أن المحمولين على الجنائز هكذا كانوا مثلهم يحسبون فبطل حسبانهم وانقرض على القرب زمانهم.

والبصير لا ينظر إلى الجنائز وإلا ويقدر نفسه محمولاً عليها فإنه محمول عليها على القرب.

الغز بعضهم في النعش الذي يحمل عليه الميت إلى المقبرة:

أَتَعْرِفُ شَيْئًا فِي السَّمَاءِ يَطِيرُ ... إِذَا طَارَ هَاجَ النَّاسُ حَيْثُ يَسِيرُ

فَتَلَقَّاهُ مَرْكُوبَا وَتَلَقَّاهُ رَاكِبًا ... وَكُلُّ أَمِيرٍ يَعْتَرِيهِ أَسِيرُ

يَحُثُّ عَلَى التَّقْوَى وَيَكْرَهُ قُرْبُهُ ... وَتَنْفِرُ مِنْهُ النَّفْسُ وَهَوَ نَذِيرُ

وَلَمْ يَسْتَزْرِ عَنْ رَغْبَةٍ فِي زِيَارَةٍ ... وَلَكِنْ عَلَى رَغْمِ الْمَزُورِ يَزُورُ

شِعْرًا: ... (كُلُّ ابْنِ أُنْثَى وَإِنْ طَالَتْ سَلامَتُهُ ... يَوْمًا عَلَى آلَةٍ حَدْبَاءِ مَحْمُولُ)

آخر: ... فَلِلْمَوْتِ تَغْدُو وَالْوَلِدَاتُ سِخَالهَا ... كَمَا لِخَرَابِ الدَّهْرِ تَبْنِي الْمَسَاكِنُ

آخر: ... (أَلا وَكَمَا شَيَّعْتَ يَوْمًا جَنَازَةً ... فَأَنْتَ كَمَا شَيَّعْتَهُمْ سَتُشَيَّعُ

وكان بعضهم إذا رأى جنازة قال: اغدوا فإنا رائحون موعظة بليغة وغفلة سريعة يذهب الأول. والآخر لا عقل له. وقال آخر: ما شهدت جنازة فحدثتني نفسي بشيء سوى ما هو مفعول به وما هو صائر إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>