القَذْفِ ردْعٌ لِهَؤُلاءِ المُطْلِقِينَ لأَلْسِنَتِهِم العِنَانُ فِي الفُحْشِ وَالسَّبِّ وَنَشْرِ هَذِهِ الأَخْلاقِ السَّيِّئَةِ التِي تَضُرُّهُم وَتَضُرُّ غَيْرَهُم فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بالْكَلَمَةِ مَا يَتَبَيَّنَ فِيهَا، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّار أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْربِ» . وَقَالَ لَهُ مُعَاذُ بنُ جَبَلُ: يَا رَسُولَ اللهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّار عَلَى وُجُوهُهُم إِلا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ» . وفي الحديث: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ واليوم الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» . وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} وَقَالَ عُقْبَةُ بنُ عَامِرٍ: مَا النَّجَاةُ يَا رَسُولُ اللهِ؟ قَالَ: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلِيَسَعُكَ بَيْتُكَ وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكِ» . «وَإِنَّ أَبْعَدَ النَّاسِ إِلَى اللهِ القَلْبُ القَاسِي» . إِذَا فَهِمْتَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ لِلْكَلامِ شُرُوطًا لا يَسْلَمُ المُتكلّمُ مِنْ الزَّلَلِ إِلا إِذَا عَمِلَ بِهَا بِإِذْنِ اللهِ، وَلا يَعْرَى مِنَ النَّقْصِ إِلا بَعْدَ أَنْ يَسْتَوْفِيهَا بِإِذْنِ اللهِ ذَكَرَهَا العُلَمَاءُ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ.
الشَّرْطٌ الأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الكَلامُ لِدَاعٍ يَدْعُو إليه أَمَّا الذِي لا دِاعِيَ لَهُ مِنْ جَلْبِ نَفْعِ أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ فَتَرْكُهُ أَوْلَى.
وَالشَّرْطُ (الثَّانِي) : أَنْ يَأْتِي بِهِ فِي مَوْضِعِهِ، وَيَتَوَخَّى بِهِ إِصَابَةَ فُرْصَتِهِ، بِأَنْ يَتَرَقَّبَهَا وَيَتَحَرَّاهَا.
وَالشَّرْطُ (الثَّالِثُ) : أَنْ يَقْتَصِرَ مِنْهُ عَلَى قَدْرِ الحَاجَةِ.
وَالشَّرْطُ (الرَّابِعُ) : أَنْ يَتَخَيَّرَ اللَّفْظَ الذِي يَتَكَلَّمِ بِهِ، فَأَمَّا الذِي لا دَاعِيَ لَهُ مِنْ جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضَرِرٍ هَذَيَانٌ، وَمَا لا سَبَبَ لَهُ هَجْرٌ، وَمَنْ سَامَحَ نَفْسَهُ فِي الكَلامِ إِذَا عَرَضَ لَهُ وَهَبَّ فِي خَاطِرِهِ، وَلَمْ يُرَاعِ صِحَّةَ دَوَاعِيهِ، وَإِصَابِةِ مَعَانِيهِ، كَانَ قَوْلُهُ مَرْذُولاً، وَرَأْيُهُ مَعْلُولاً، كَمَا حُكِيَ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute