للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج

فَجَفَا الأَحِبَّةُ فِي مَحَبَةِ رَبِّهِ ... وَسَما إِليهِ بِهِمَّةٍ مَا يُقْلِعُ

وَتَمَتَّعَتْ بِودَادِهِ أَعْضَاؤُهُ ... إِذَ خَصَّهَا مِنْهُ بِوِدِ يَنفَعُ

كَمْ فِي الظَّلامِ لَهُ إِذَا نَامَ الوَرَى ... مِنْ زَفْرُةٍ فِي إِثْرِهَا يَتَوَجَّعُ

وَيقُولُ فِي دَعَوَاتِهِ يَا سَيّدِي ... العُيْنُ يُسْعِدُهَا دَمُوعٌ رُجَّعُ

إِنّي فَزِعْتُ إليكَ فارْحَمْ عَبْرَتِي ... وَإِليكَ مِن ذُلِّ الْخَطِيئَةِ أَفْزَعُ

مَنْ ذَا سِوَاكَ يُجِيْرُنِي مِن زَلّتِي ... يَا مَنْ لِعزَّتِهِ أَذِلُّّّّّّّّّّّّ وَأَخْضَعُ

فَامْنُنْ عَلِيَّ بتَوْبَةً أَحْيَا بِهَا ... إِنّي بِمَا اجْتَرَأَتْ يَدَاي ََمُرَدَّعُ

موعظة: عباد الله - الدنيا ملأى بالمصائب والآلام، والأحزان والأسقام غناها فقر وعزها ذل. والآجال فيها معدودة والأعمار محدودة، قال تعالى: {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} .

نعيمها إِلَى فناء وعيشها إلى انقضاء متاعها قليل، وحسابها طويل - الخلود فيها لا يكون لإنسان والبقاء الدائم لا يكون إلا للديان الذي يقول: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} .

فالسعيد من استعد ليوم الرحيل، وجهز نفسه بالعمل الصالح لسفر طويل، وتفكر فيمن سبقوه إِلَى دار القرار، وعلم أنه لا حق بهم مهما حاول الفرار، والأمر بعد ذلك إما نعيم مقيم أو شقاوة وعذاب أليم.

فيا من بنيت الآمال وقصرت فِي الصالح من الأعمال، تنبه للموت، فإن نسيانه ضلال مبين، كم من صديق لك مات فِي ريعان شبابه، وكم شيعت إِلَى الدار الآخرة من أحبابه، تذكر يا مغرور ساعة الاحتضار وخروج الروح.

والأولاد حولك يبكون والنساء تنوح، يناديك ولدك، أبتي إني بعدك مسكين، وتصرخ الزوجة يا زوجي إِلَى أين الرحيل وهل من رجعة أو غيابك طويل.

فتغرغر عيناك بالدموع ويلجم منك اللسان، وتحاول النطق فيعتذر

<<  <  ج: ص:  >  >>