للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويسكنها معه، فهو بذلك الإحسان يخفف عنها من ألم المصيبة، ويسلبها عن الفجيعة، ويكف يدها عن السؤال والنظر لما فِي أيدي الناس، ويصون وجهها، فهذا كالمجاهد فِي سبيل الله، له أجر عظيم عند الله عز وجل.

وكذلك الساعي على المساكين، وهم الذين أسكنتهم الحاجة فلا يجدون مَا يكفيهم فِي قوتهم وكسوتهم وسكناهم، إما لفقد المال، وإما لعجز عن الكسب لمرض أو لصغر أو لزمانة أو لعمى، أو الذي تقطعت به الأسباب، وأظلمت على عينه الدنيا وانغلقت فِي وجهه الأبواب، يستحف السعي عليه ممن وفقه الله لذلك، والأخذ بيد.

ويعان على العمل بالقرض والإيجار أو مَا يستعين به على نفقة نفسه وأهله بأي عمل يحسنه من تعليم أو صنعة أو زراعة أو تجارة أو وظيفة يكف بها وجهه، وَقَدْ يكون المسكين من الأقارب أو ذا رحم يجب وصلها فيعظم حقه، ويكون السعي عليه برًا وصلة يكتب أجره عند الله أضعافًا مضاعفة، وهذه فرصة ثمينة لمن وفقه الله للقيام بها!

والخلاصة:

أن الذي يجمع المال بعرق جبينه لا لينفقه فِي السرف والبذخ واللذة والسمعة، ولكن ليسد به جوعة المسكين واليتيم ويغنيه عن السؤال فيحفظ على وجهه ماء الحيا وعَلَى نفسه خلق العفاف يكون حريًّا بمرتبة المجاهدين ومنزلة المقربين، فاخدم بمالك ووقتك وقوتك وسعيك وجاهك ذوي الحاجات وأرباب العاهات تنل بإذن الله المنزلة العالية الخالدة. تنبه: بشرط أن يكونوا من المؤمنين بالله.

ذَكَرَ الوَعِيدَ فَطرفُهُ لا يَهْجَعُ ... وجَفَا الرُقاَدَ فَبَان عَنْهُ المُضْجَعُ

مُتَفَرّدًا بِقَلِيلهِ يَشْكُو الَذِي ... مِلْءَ الجَوَانِحِ وَالحَشَا يَسْتَوْجِعُ

لَمَّا ئَيْقَّنَ صِدقَ مَا جَاءَتْ بِهِ الَ ... آياتُ صَارَ إِلَى الإِنَابِة يُسْرِعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>