للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَلْبِ وَتَعلُّقِ الْهَمِّ بِهِ، وَمِنْ الذُّلِّ لِلخَلْقِ بِسَبَبَهِ وَمِنْ التَّفْكِيرِ وَالتَّدْبِيرِ فِي تَحْصِيلهِ، وَمِنْ الشُّحِّ وَالْحِرْصِ عَلَيْهِ بَعْدَ حُصُولِهِ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمَيعِ الْمُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْمَيِّتِينَ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَم الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

(فَصْلٌ) : قَالَ ابن رجب: فالعلماء بما أنزل الله على رسوله هم الأدلاء والذين يُهتَدى بهم في ظلمات الجهل والشبهِ والضلالِ فإذا فُقدُوا ضَلَّ السالكُ.

وقد شُبِّهَ العلماءُ بالنجوم، والنجومُ فيها ثلاثٌ فوائد: يُهْتَدى بها في الظلمات، وهي زِينة للسماء، ورجومٌ للشياطين الذين يسترقون السمع منها.

والعلماءُ في الأرض يجتمع فيهم هِذِهِ الأَوْصافُ الثلاثةُ: بهم يُهْتَدى في الظلمات، وهُم زينةُ للأرض، وهم رجومٌ للشياطين الذين يخلطون الحق بالباطل ويُدْخِلونَ في الدين ما ليس منه مِن أهل الأهواء.

وما دام العلم باقيًا في الأرض فالناسُ في هُدَى. وبقاءُ العلمِ بقاءُ حَمَلَتِهِ فإذا ذَهَبَ حَمَلتهُ ومَن يقوم به وقع الناسُ في الضلال كما في الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ صدور الرجال وَلَكِنْ يذهب الْعُلَمَاءِ فإِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» .

شِعْرًا:

مَا أَكْثَرَ الْعِلْمِ وما أَوْسَعَهْ ... مَنْ ذَا الذي يَقْدِرُ مِنْ الْخَلْقِ أَنْ يَجْمَعَهْ

إِنْ كُنْتَ لا بُدَّ لَهُ طَالِبَا ... فَجِدَّ فِيهِ وَالتَمِسْ أَنْفَعَهْ

وخرج الترمذي مِنْ حَدِيث جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَال: «هَذَا أَوَانٌ يُخْتَلَسُ الْعِلْمُ مِنَ النَّاسِ حَتَّى لاَ يَقْدِرُوا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>