ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن أكثر ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من بركات الأرض» . رواه البخاري ومسلم. وقال - صلى الله عليه وسلم -: «فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتكم» . متفق عليه.
كَمْ رَأَيْنَا مِنْ أُنَاسٍ هَلَكُوا ... فَبَكَى أَحْبَابُهُمْ ثُمَّ بُكُوا
تَرَكُوا الدُّنْيَا لِمَنْ بَعْدَهُمُوا ... وُدُّهُمْ لَوْ قَدَّمُوا مَا تَرَكُوا
آخر: ... إِنِّي وَإِنْ كَانَ جَمْعُ الْمَالِ يُعْجِبُنِي ... فَلَيْسَ يَعْدِلُ عِنْدِي صِحَّةَ الْجَسَدِ
فِي الْمَالِ زَيْنٌ وَفِي الأَوْلادِ مَكْرُمَةٌ ... وَالسُّقْمُ يُنْسَيْكَ ذِكْرَ الْمَالِ وَالْوَلَدِ
والله أعلم. صلى الله على محمد وعلى آله وسلم.
موعظة: عن الزهري: سمعت علي بن الحسين يحاسب نفسه ويناجى ربه يا نفس حتام إلى الدنيا سكونك، وإلى عمارتها ركونك، أما اعتبرت بمن مضى من أسلافك، ومن وارته الأرض من آلافك، ومن فجعت به من إخوانك. ونقل إلى الثرى من أقرابك، فهم في بطون الأرض بعد ظهورها محاسنهم فيها بوال دواثر.
خَلَتْ دُورُهمْ مِنْهُمْ وَأَقْوَتْ عَرَاصُهُمْ ... وَسَاقَهُمْ نَحْوَ الْمَنَايَا الْمَقَادِرُ
وَخَلَّو عَنِ الدُّنْيَا وَمَا جَمَعُوا لَهَا ... وَضَمَّتْهُمْ تَحْتَ التُّرَابِ الْحَفَائِرُ
كم خربت أيدي المنون من قرون بعد قرون وكم غبرت الأرض وغيبت في ترابها ممن عاشرت من صنوف وشيعتهم إلى المهالك ثم رجعت عنهم إلى أهل الإفلاس.
وَأَنْتَ عَلَى الدُّنْيَا مُكِبٌّ مُنَافِسٌ ... لِخُطَّابِهَا فِيهَا حَرِيصٌ مُكَاثِرُ
عَلَى خَطَرٍ تَمْشِي وَتُصْبِحُ لاهِيًا ... أَتَدْرِي بِمَاذَا لَوْ عَقَلْتَ تُخَاطِرُ
وَإِنَّ امْرَأً يَسْعَى لِدُنْيَاهُ دَائِبًا ... وَيَذْهَلُ عَنْ أُخْرَاهُ لا شَكَّ خَاسِرُ
فحتام على الدنيا إقبالك وبشهواتها اشتغالك وفد وخطك الشيب