للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأتاك وأنت عما يراد بك ساه وبلذة يومك وغدك لاه وقد رأيت انقلاب أهل الشهوات وعاينت ما حل بهم من المصيبات.

أَبَعْدَ اقْتِرَابِ الأَرْبَعِينَ تَرَبُّصٌ ... وَشِيب قَذَالٍ مُنْذِر لِلأَكَابِر

كَأَنَّكَ مَعْنَي بِمَا هُوَ ضَائِرٌ ... لِنَفْسِكَ عَمْدًا أَوْ عَنِ الرُّشْدِ حَائِر

انظر إلى الأمم الماضية والملوك الفانية كيف اختطفتهم عقبان الأيام ووفاهم الحمام فانمحت من الدنيا آثارهم ويقنت فيها أخبارهم وأضحوا رممًا في التراب إلى يوم الحشر والمآب والحساب.

فَأَمْسَوْا رَمِيمًا فِي التُّرَابِ وَعُطِّلَتْ ... مَجَالِسَهُمْ مِنْهُمْ وَأَخْلَى الْمَقَاصِرُ

وَحَلُّوا بِدَارٍ لا تزاور بَيْنَهُمْ ... وَأَنَّى لِسُكَّانِ الْقُبُورِ التَّزَاوُرُ

فَمَا أَنْ تَرَى إِلا قُبُورًا ثَوَوْا بِهَا ... مُسَطَّحَةً تَسْفِي عَلَيْهَا الأَعَاصِرُ

كم من ذي منعة وسلطان وجنود وأعوان تمكن من دنياه ونال فيها ما تمناه، وبنى فيها القصور والدساكر، وجمع فيها الأموال والذخائر، وملح السراري والحرائر.

فَمَا صَرَفَتْ عَنْهُ الْمَنِيَّةَ إِذَا أَتَتْ ... مُبَادَرَة تَهْوَى إِلَيْهَا الذَّخَائِرُ

وَلا دَفَعَتْ عَنْهُ الْحُصُونُ الَّتِي بَنَى ... وَحَفَّ بِهَا أَنْهَارُهُ وَالدَّسَاكِرُ

وَلا قَارَعَتْ عَنْهُ الْمَنِيَّةَ حِيلَةٌ ... وَلا طَمِعَتْ فِي الذَّبِّ عَنْهُ الْعَسَاكِرُ

أتاه من الله ما لا يرد ونزل به من قضائه ما لا يصد فتعالى الله الملك الجبار المتكبر العزيز القهار قاصم الجبارين ومبيد المتكبرين الذي ذل لعزه كل سلطان وأباد بقوته كل ديان.

مَلِيكُ عَزِيزُ لا يُرَدُّ قَضَاؤُهُ ... حَكِيمٌ عَلِيمٌ نَافِذُ الأَمْرِ قَاهِرُ

عَنَى كُلُّ ذِي عِزٍّ لِعِزَّةِ وَجْهِهِ ... فَكَمْ مِنْ عَزِيزٍ لِلْمُهَيْمِنِ صَاغِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>