وَارْعَ الأَمَانَةَ وَالْخِيَانَةَ فَاجْتَنِبْ ... وَاعْدِلْ وَلا تَظْلِمْ يَطِيبُ الْمَكْسَبُ
وَاحْذَرْ مُصَاحَبَةِ اللَّئِيم فَإِنَّهُ ... يُعْدِي كَمَا يُعْدِي الصَّحِيحَ الأَجْرَبُ
وَاحْذَرْ مِنْ الْمَظْلُومِ سَهْمًا صَائِبًا ... وَاعْلَمْ بِأَنَّ دُعَاءَهُ لا يُحْجَبُ
فَاحْفَظْ هُدِيتَ نَصِيحَةً أَوْلاكَهَا ... بَرٌّ نَصُوحٌ لِلأَنَامِ مُجَرَّبٌ
صَحِبَ الزَّمَان وَأَهْلهُ مُسْتَبْصِرًا ... وَرَأَى الأُمُورَ وَمَا تَؤُوبُ وَتَعْقَبُ
اللهم اختم لنا بخاتمة السعادة واجعلنا ممن كتبت لهم الحسنى وزيادة واغفر لنا ولوالدينا وجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(فَصْلٌ)
ومما يعين على الاستعداد للموت ذكر مرارته كما فهمته مما سبق ومما يأتي وقد سماه - صلى الله عليه وسلم - هاذم اللذات وتفكر في الموتى الذين حبسوا على أعمالهم ليجازوا بها فليس فيهم من يقدر على محو خطيئة ولا على زيادة حسنة.
ولو قلت لهم: تمنوا وأنطقهم الله لقالوا: نرد إلى الدنيا لنعمل بطاعة الله لا يريدون ذهبًا ولا فضةً ولا بستانًا ولا فلةً ولا عمارة. ولتعجب منا ومن حالنا وتفريطنا وانهماكنا في الدنيا.
ومما يعين على الاستعداد للموت أيضًا ذكر الموت من فتنة القبر وعذابه أو نعيمه والبعث والحشر والحساب والصراط والميزان والحوض والشفاعة والجنة والنار وما أعد الله لأهلهما أجمالاً وتفصيلاً.
مر رجل على رجل جالسًا في المقابر فقال ما أجلسك هنا فقال:
يَشْتَاقُ كُلُّ غَرِيبٍ عَنْدَ غُرْبَتِهِ ... وَيَذْكُرُ الأَهْلَ وَالْجِيرَانَ وَالسَّكَنَا
وَلَيْسَ لِي وَطَنٌ أَمْسَيْتُ أَذْكُرُهُ ... إِلا الْمَقَابِرَ إِذْ كَانَتْ لَهُمْ وَطَنًا
شِعْرًا: ... مَا زِلْتُ أَفْجَعُ بِالأَحِبَّةِ كُلُّهُمْ ... وَفَنَاءُ نَفْسِي فِي الْحَقِيقَةِ أَفْجَعُ
فَوَدِّعْ خَلِيلَ النَّفْسِ قَبْلَ فُرَاقِهِ ... فَمَا النَّاسُ إِلا ظَاعِن وَمُوَدَّعُ