ترتفع الحدقتان إلى أعالي أجفانه. وتتقلص الشفتان ويتقلص اللسان وتخضر أنامله فلا تسأل عن بدن يجذب منه كل عرق من عروقه.
ثم يموت كل عضو من أعضائه تدريجًا فتبرد أولاً قدماه ثم ساقاه ثم فخذاه ولكل عضو سكرة بعد سكرة وكربة بعد كربة حتى يبلغ بها إلى الحلقوم فعند ذلك ينقطع عن الدنيا وأهلها وتعظم حسرة المفرط ويندم حيث لا ينفعه الندم.
هَوُ الْمَوْتُ لا مَنْجَى مِنَ الْمَوْتِ وَالَّذِي ... نُحَاذِرُ بَعْدَ الْمَوْتِ أَدْهَى وَأَفْظَعُ
آخر: ... دَعْ عَنْكَ مَا قَدْ كَانَ فِي زَمَنِ الصِّبَا ... وَاذْكُرْ ذُنُوبَكَ وَابْكِهَا يَا مُذْنِبٌ
وَاذْكُرْ مُنَاقَشَةِ الْحِسَابِ فَإِنَّهُ ... لا بُدَّ يُحْصِي مَا جَنَيْتَ وَيُكْتَبُ
لَمْ يَنْسَهُ الْمَلَكَانِ حِيْنَ نَسِيتَهُ ... بَلْ أَثْبَتْاهَ وَأَنْتَ لاهٍ تَلْعَبُ
وَالرُّوحُ فِيكَ وَدِيعَةٌ أَوْدَعْتَهَا ... سَتُرْدِهَا بِالْغُرْمِ مِنْكَ وَتُسْلَبُ
وَغَرُورُ دُنْيَاكَ الَّتِي تَسْعَى لَهَا ... دَارٌ حَقِيقَتُهَا مَتَاعٌ يَذْهَبُ
وَالليْلُ فَاعْلَمْ وَالنَّهَارُ كِلاهُمَا ... أَنْفَاسُنَا فِيهَا تُعَدُّ وَتُحْسَبُ
وَجَمِيعُ مَا خَلَّفْتُهُ وَجَمَعْتُهُ ... حَقَّا يَقِينًا بَعْدَ مَوْتِكَ يُنْهَبُ
تَبًا لِدَارٍ لا يَدُومُ نَعِيمُهَا ... وَمُشَيِّدُهَا عَمَّا قَلِيلٍ يَخْرُبُ
وَعَوَاقِبُ الأَيَّام فِي غُصَاتِهَا ... مَضَضٌ يذلُّ لَهَا الأَعَزُّ الأَنْجَبُ
فَعَلَيْكَ تَقْوَى اللهِ فَالْزَمْهَا تَفُزْ ... إِنَّ التَّقِيَّ هُوَ الْبَهِيُّ الأَهْيَبُ
وَاعْمَلْ بِطَاعَتِهِ تَنَلْ مِنْهُ الرِّضَا ... إِنَّ الْمُطِيعَ لَهُ لَدَيْهُ مُقَرَّبُ
وَاقْنَعْ فِفِي بَعْضِ الْقَنَاعَةِ رَاحَةٌ ... وَالْيَأْسُ مِمَّا فَاتَ فَهُوَ الْمَطْلَبُ
وَاخْتَرْ قَرِينَكَ وَاصْطَفيه تَفَاخُرًا ... إِنَّ الْقَرِينَ إِلَى الْمُقَارِنُ يُنْسَبُ
َدَعْ الْكَذُوبَ فَلا يَكُنْ لَكَ صَاحِبًا ... إِنَّ الْكَذُوبَ لَبِئْسَ خَلا يَصْحَبُ
وَاحْفَظْ لِسَانَكَ وَاحْتَرِزْ مِنْ لَفْظِهِ ... فَالْمَرْءُ يَسْلَمُ بِاللِّسَانُ وَيُعْطَبُ
وَزِنِ الْكَلامَ إِذَا نَطَقْتَ وَلا تَكُنْ ... ثِرْثَارَةً فِي كُلِّ نَادٍ تَخْطُبُ