وَاجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ الْمُفْلِحِينَ الذِينَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينََ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمَعِين.
(فَصْلٌ) وَكَمَا أَشَارَ الْحُبَابُ بنُ الْمُنْذِرِ بِبِنَاءِ الْحَوْضِ، أَشَارَ سَعْدٌ بنُ مُعَاذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنْ يَبْنُوا لَهُ عَرِيشًا، يَشْرِفُ مِنْهُ عَلَى الْمَعْرَكَةِ وَيُوَجِّهُهَا وَيَأْمَنُ غِرَّةَ العَدُوِّ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ أَلا نَبْنِي لَكَ عَرِيشًا، تَكُونُ فِيهِ وَنُعِدُّ عندَكَ رَكَائِبَكَ، ثُمَّ نَلْقَى عَدُوَّنَا، فَإِذَا أَعَزَّنَا اللهُ وَأظْهَرْنَا عَلَى عَدُوِّنَا، كَانَ ذَلِكَ مَا أَحْبَبْنَا وَإِنْ كَانَتْ الأُخْرَى جَلَسْتَ عَلَى رُكَائِبَكَ، فَلَحِقْتَ بِمَنْ وَرَاءَنَا مِنْ قَوْمِنَا، فَقَدْ تَخَلَّفَ عَنْكَ أَقْوَامٌ مَا نَحْنُ بَأَشَدَّ مِنْهُمْ حُبًّا لكَ وَلَوْ ظَنُّوا أَنَّكَ تَلْقَى حَرْبًا مَا تَخَلَّفُوا عَنْكَ، يَمْنَعُكَ اللهُ بِهِمْ، وَيُنَاصِحُونَك، وَيُجَاهِدُونَ مَعَكَ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَعَا لَهُ بِخَيْرِ، ثُمَّ بُنِيَ العَرِيشُ عَلَى تَلٍّ، كَمَا أَشَارَ سَعْدٌ، وَأُعِدَّتْ عِنْدَهُ أَنْجَبُ الرَّكَائِب، وَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَوِّي الصُّفُوفَ، وَيَتَفَقَّدُ الرِّجَالَ، وَيُهَيِّئُ أَصْحَابَهُ لِلْقِتَالِ، وَدَفَع رَايتَهُ إِلى مُصْعَبِ بن عُمَيْرِ، فَتَقَدَّمَ بِهَا إِلى مَوْضِعِهَا الذِي أَمْرَهُ أَنْ يَضَعَهَا فِيهِ، ثُمَّ وَقَفَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ إِلى الصُّفُوفِ، فَاسْتَقْبَلَ الْغَرْبَ وَجَعَلَ الشَّمْسَ وَرَاءَهُ، وَأَقْبلَ الْمُشْرِكُونَ، فَاسْتَقْبَلُوا الشَّمْسَ.
وَخَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ، يَحُثُّهُمْ عَلَى الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَيُرَغِّبُهُمْ فِي الأَجْرِ، فَحَمِدَ الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَحُثِّكُمْ عَلَى مَا حَثَّكُمْ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ، فَإِنَّ اللهَ عَظِيمٌ شَأْنُهُ، يَأْمُرُ بالْخَيْرِ، وَيُحِبُّ الصِّدْقَ، وَيُعْطِي الْخَيْرَ أَهْلَهُ، عَلَى مَنَازِلِهِمْ عِنْدَهُ، وَإِنَّكُمْ قَدْ أَصْبَحْتُمْ بِمَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الْحَقِّ لا يَقْبلُ اللهُ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا مَا ابْتُغِي بِهِ وَجْهَهُ، وَإِنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute