الصَّبْرَ في مَوَاطِنِ الْبَأسِ مِمَّا يُفَرِّجُ اللهُ بِهِ الْهَمَّ، وَيُنْجِي بِهِ مِنْ الغَمِّ، وَتُدْرَكُ بِهِ النَّجَاة فِي الآخِرَةِ، فِيكُمْ نَبِيُّ اللهِ، يُحَذِّرُكُم وَيَأْمُرُكُم، فَاسْتَحْيُوا اليَوْمَ أَنْ يَطَّلِعَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَمْرِكُم يَمْقُتُكُمْ عَلَيْهِ، فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: {َمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ} وَأَبْلُوا رَبَّكم في هَذِهِ الْمَوَاطِنِ أَمْرًا تَسْتَوْجِبُونَ بِهِ الذي وَعَدَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَمَغْفِرَتِهِ، فَإِنَّ وَعْدَهُ حَقٌّ، وَقَوْلَهُ صِدْقٌ، وَعِقَابَهُ شَدِيدٌ، وَإِنَّمَا أَنَا وَأَنْتُمْ باللهِ الْحَيِّ القَيُوم، إليهِ أَلْجَأْنَا ظُهُورَنَا، وَبِهِ اعْتَصَمْنَا، وَعَلَيْهِ تَوَكَّلنَا، وَإِلَيْهِ الْمَصِيرِ، يَغْفِرُ اللهُ لِي وَلِلْمُسْلِمِينَ» .
وَأَقْبَلَتْ قُرَيْشٌ تَنْصَبُّ إِلى الوَادِي مِنْ الكَثِيب، وَعَدَدُ الْمُشْرِكِينَ قَرِيبٌ من الأَلْفِ مُقَاتِل، وَمَعَهُمْ مَائَةُ فَرَسٍ، وَسَبْعُمَائَةِ بَعِير، وَرُوِيَ أَنَّ أَيْمَاءَ بن رُخْصَةَ بَعَثَ إِلى قُرَيْشٍ ابْنَا لَهُ بعَشْرِ جَزَائِرِ، أَهْدَاهَا لَهُمْ، وَقَالَ: إِنَّ أَحْبَبْتُمْ أَنْ أَمُدَّكُم بِسِلاحٍ وَرِجَالٍ فَعَلْنَا، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ أَوْصَلَتْكَ رَحِمٌ، فَلَئِنْ كُنَّا إِنَّمَا نُقَاتِلُ النَّاسَ فَمَا بِنَا ضَعْفٌ عَنْهُمْ، وَإِنْ كُنَّا نُقَاتِلُ اللهَ كَمَا يَزْعُمُ مُحَمَّدٌ فَمَا لأَحَدٍ باللهِ طَاقَةٌ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثْرَتَهُمْ، وَقِلَّةَ أَصْحَابِهِ، تَوَجَّهَ إلى اللهِ يَسْتَعِينُهُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ هَذِهِ قُرَيْشُ قَدْ أَقْبَلَتْ بِخُيَلائِهَا وَفَخْرِهَا، تُحَادُّكَ وَتُكَذِّبُ رَسُولَكَ، اللَّهُمَّ فَنَصْرَكَ الذِي وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ فَأحِنْهُمُ الغَد» .
اللَّهُمَّ أَبْرِمْ لِهَذِهِ الأُمَّةِ أَمْرَ رُشْدٍ يُعَزُ فِيهِ أَهْلُ طَاعَتِكَ وَيُذَلُّ فِيهِ أَهْلُ مَعْصِيَتِكَ وَيُؤْمَرُ فِيهِ بِالْمَعْرُوفِ وَيُنْهَى فِيهِ عَنْ الْمُنْكَرِ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء.
اللَّهُمَّ مَكِّنْ مَحَبَّتَكَ في قُلُوبِنَا وَقَوِّهَا وَنَوِّرْ قُلُوبَنَا بِنُورِ الإِيمَانِ وَأَلْهِمْنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute